الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الموقف الأمريكي من الحشد الشعبي

بواسطة azzaman

الموقف الأمريكي من الحشد الشعبي

محمد علي الحيدري

 

يظل الموقف الأمريكي من الحشد الشعبي في العراق موضع جدل داخلي في واشنطن، حيث تتباين الآراء حول طبيعة هذا التشكيل العسكري ودوره في مستقبل العراق. ففي حين يُنظر إليه كقوة ساهمت بفعالية في محاربة تنظيم داعش، فإن صلات بعض فصائله بإيران تُثير مخاوف لدى العديد من صناع القرار الأمريكيين، ما يعقّد الحسابات السياسية والأمنية في المنطقة.

ومنذ تأسيسه عام 2014، حظي الحشد الشعبي باعتراف ودعم رسمي من الحكومة العراقية باعتباره جزءا مهما من المنظومة العسكرية الوطنية. إلا أن هذا الدعم لم يكن كافيا لتبديد الشكوك الأمريكية التي بدأت تتنامى مع ما تراه واشنطن تصاعدا لنفوذ الفصائل المسلحة المقربة من طهران ضمن الحشد. ونتيجة لذلك، باتت الولايات المتحدة تنظر إلى الحشد الشعبي بعين مزدوجة: فهو، تاريخيا، شريك فاعل في الحرب على الإرهاب، لكنه في الوقت ذاته يمثل في بعض أطرافه تحديا للمصالح الأمريكية والإقليمية.

وعلى الرغم من أن الضربات الجوية الأمريكية في العراق تستهدف عادةً مقار فصائل محددة توصف بأنها معادية لواشنطن ومرتبطة بطهران، إلا أن هذه الفصائل تُعتبر في الغالب جزءا من الحشد الشعبي أو تعمل تحت غطائه. هذا التداخل كما يبدو يخلق حالة من الالتباس السياسي، إذ تصر الحكومة العراقية على أن الحشد الشعبي مؤسسة رسمية، بينما تعتبر الولايات المتحدة أن بعض الفصائل المنضوية تحت لوائه تعمل خارج إطار الدولة وتنفذ أجندات لا تصب في صالح الاستقرار الإقليمي.

من جهتها ، تتجلى مواقف إيران بوضوح أكبر، حيث أكد المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال لقائه رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في 8 كانون الثاني يناير 2025، على دعمه المطلق للحشد الشعبي ودوره الأساسي في الحفاظ على أمن العراق واستقراره، مشددا على ضرورة تقويته. كما أضاف خامنئي أن وجود القوات الأمريكية في العراق “غير شرعي” ويتعارض مع مصالح العراق وشعبه، ما أثار ردود فعل سياسية واسعة في العراق، إذ اعتبرها بعض السياسيين تدخلاً في الشأن العراقي ودعوة للتصعيد ضد المصالح الأمريكية في البلاد.

في سياق متصل، تشير تقارير مراكز الأبحاث الأمريكية إلى انقسام داخل الإدارة الأمريكية بشأن آليات التعامل مع الحشد الشعبي. فهناك من يدعو إلى اعتماد سياسة الاحتواء والتعامل الواقعي مع الحشد كجزء من مؤسسات الدولة العراقية، بينما يرى فريق آخر أن تجاهل التحديات التي يمثلها قد يؤدي إلى تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما يتطلب استجابة أمريكية أكثر حزما.

ومع استمرار التعقيدات الأمنية والسياسية في العراق، يبدو أن الموقف الأمريكي من الحشد الشعبي سيظل رهينًا للتوازنات الإقليمية والدولية. وبينما تسعى بغداد للحفاظ على استقلالية قرارها السيادي، تواجه ضغوطا متزايدة من حلفائها في واشنطن، الذين يطالبون بتقليص نفوذ بعض الفصائل المسلحة.

وفي ظل هذه التجاذبات، يبقى مستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق، فيما يتعلق بالحشد الشعبي، مفتوحا على احتمالات متعددة تتراوح بين التنسيق المشترك وتجنب المواجهة المباشرة.

 


مشاهدات 51
الكاتب محمد علي الحيدري
أضيف 2025/01/18 - 12:16 AM
آخر تحديث 2025/01/18 - 5:59 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 132 الشهر 8048 الكلي 10198013
الوقت الآن
السبت 2025/1/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير