التأثيرفي جنوح الأحداث
دور القواعد القانونية في الحد من العنف الأسري
نور عدنان داخل الشمري
يرتبط العنف الأسري بمجتمع الأسرة، التي تمثل النواة الأولى في نشأة الأفراد ، والتي تؤثر تاثيراً كبيراً في سلوك افرادها، لاسيما الاطفال . فالأسرة التي تعاني من الاضطرابات والمشاكل والانشقاقات، ينتج عنها سلوكيات غير سوية تنعكس على أفرادها من هذه السلوكيات العنف، الذي يتخذ اشكالأ متعددة. فقد تكون جسدياً ينتج عنه ضرراً يصيب الجسم وقد يصل في بعض الاحيان إلى القتل .اما العنف النفسي أو اللفظي، فيتمثل في إيذاء مشاعر الفرد، كالشتم والسب والتجريح والانتقاص من قيمته وقدره والحبس المنزلي الذي يمارس ضد الفتيات بشكل خاص والطرد من المنزل الذي يمارس ضد الفتيان . أما العنف الجنسي والذي يعد أبشع أنواع العنف ، فيتمثل في الاعتداء جنسياً على الضحية ويسبب لها اضطرابات نفسية. الأمر الذي يسهم بشكل كبير في زيادة حالات جنوح الاحداث. ومن هنا ينبثق دور القانون في الحد من هذه الظاهرة ومن تأثيراتها السلبية على افراد المجتمع.
كيف يؤثر العنف الأسري على جنوح الأحداث ؟
عنف اسري
- اولا: التأثير النفسي والاجتماعي
إن التعرض للعنف الأسري يلقي بضلاله على الاستقرار النفسي لدى الأطفال ، مما يدفعهم إلى الانحراف والتمرد على المجتمع ومخالفة القانون . فالكثير من الاطفال الذين يولدون في بيئة غير صحية قائمة على العنف يتميزون بسلوك عدواني تجاه الاخرين ويميلون إلى الانسحاب والابتعاد عن تكوين علاقات اجتماعية صحية، وهذا يساعد على الجنوح والميل إلى ارتكاب الجرائم. ولقد لاحظنا في الآونة الأخيرة انتشار جرائم القتل والسرقة والاخلال بالأمن العام في المجتمع والتي يرتكبها الأحداث سواء في العراق أو الدول الأخرى على حد سواء والتي تعود إلى عوامل متعددة ومنها العنف الأسري.
ثانيا: التسرب المدرسي
من اهم النتائج المترتبة على العنف الأسري هو التسرب المدرسي، الذي يقصد به عدم التحاق التلميذ بمقاعد الدراسة أو هروبه وتسربه. ويعود ذلك إلى الجو العائلي المتسم بالعنف، والذي يشتت أفكاره ويصنع منه فرداً منعزلاً فاقداً للثقة في نفسه، مما يجعله يترك الدراسة ويصبح عرضة للجنوح.
ثالثا: ضعف التوجيه الأسري
تعد الأسرة المكان الذي يشعر فيه الفرد بالأمان والاستقرار ، فهو البيئة التي يستمد منها القيم والمبادئ ويتلقى فيها التوجيه والارشاد والنصح. ولكن عندما يسود العنف هذه البيئة، فسينعكس ذلك على افرادها، لاسيما الاطفال منهم، فيتأثرون بصديق السوء وينخرطون في أنشطة تخالف القانون، والتي تبدأ بالتدخين وتنتهي بتعاطي الممنوعات، وتقود في نهاية الأمر إلى انهيار مستقبل الحدث.
ما هو دور القانون في الحد من العنف الأسري وتأثيره في جنوح الأحداث؟
اولا: تقرير العقوبات للحد من العنف الأسري
- إن الغاية من وجود القاعدة القانونية تتمثل في تنظيم السلوك الاجتماعي للأفراد في المجتمع وفرض الجزاء على من يخالفها. فمن غير وجود تلك القاعدة تعم الفوضى وتسود الجرائم والظواهر السلبية كالعنف الاسري بأنواعه الجسدي والنفسي والجنسي، فيعمل المشرع على وضع عقوبات على مرتكبي العنف، مما يعزز الردع ويقلل من احتمالية الجنوح لدى الأطفال المتأثرين.
ثانيا: التأهيل والرعاية
يلعب القانون دوراً مهماً في توفير الدعم والرعاية للأطفال المتضررين من خلال البرامج التي تقدمها دور الإصلاح ومراكز الرعاية النفسية والاجتماعية من اجل اعادة تأهيل الأحداث.
ثالثا: إنشاء مراكز لحماية الأسرة والطفل تعمل هذه المراكز على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا العنف الأسري . كما توفر للأسر التي تعاني من مشكلات عائلية خدمات استشارية تمكنهم من تجاوز تلك العقبات .
ختاما
إن مشروع قانون مناهضة العنف الأسري يسعى إلى معالجة ظاهرة العنف الأسري بأنواعه وتأثيره السلبي على تماسك الأسرة والمجتمع ، إذ يهدف إلى توفير الحماية القانونية للحقوق التي يتمتع بها الأنسان كالحق في الحياة والتعليم والتنقل وسلامة الجسم والكرامة الانسانية وغيرها وتشديد العقوبات على من مرتكبي العنف، الذي يشكل انتهاكاً لتلك الحقوق .ولكن بالرغم من ذلك يصطدم المشروع بجملة من التحديات ، أبرزها الرفض المجتمعي والذي حال دون اقراره. لذا ندعو المشرع إلى إقرار القانون ، لما له من دور كبير في الحد من ارتفاع معدلات جنوح الأحداث .