أفراح رغم الآلام والجراح
سامي الزبيدي
عمت الأفراح مناطق غزة المنكوبة حتى قبل إعلان وزير الخارجية القطري عن التوصل لاتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بين حماس والكيان الصهيوني فقد خرج أبناء غزة بتجمعات في شوارعها المتهالكة قبل ساعات من إعلان التوصل للاتفاق يهتفون لفلسطين ولغزة ويعبرون عن تمسكهم بوطنهم وأرضهم وكرامتهم وروحهم الوطنية رغم الماسي والكوارث التي تعرضوا لها بعد ان دمر الصهاينة مدينتهم بقصف وحشي وهمجي لم تشهد الحروب مثيلاً له استمر خمسة عشر شهراً لم تسلم منه مساكن المواطنين وممتلكاتهم والعمارات السكنية ودوائر الحكومة ومحطات الكهرباء والماء والصرف الصحي والشوارع والمزارع والجامعات والمدارس والمساجد والمستشفيات والمراكز الصحية ومدارس الاونروا التي تؤوي نازحين ومخيمات النازحين وعجلات الإسعاف والمسعفين وعمال الإغاثة وعجلات الإغاثة حتى أمست غزة اثر بعد عين بسبب الدمار الكبير وفقد أهلنا في غزة نتيجة المجازر الوحشية الصهيونية التي يسببها القصف اليومي بالطائرات الحربية والمسيرة والمدفعية والدبابات والأسلحة الأخرى أكثر من ستة وأربعين ألف شهيد ومائة وعشرة آلاف جريح وآلاف المفقودين والمدفونين تحت الأنقاض , وبعد كل جرائم الحرب والاستخفاف بالقانون الدولي والإنساني من قبل اسرائيل وبعد كل عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبتها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة وقواته العسكرية لم يتمكن نتنياهو من تحقيق أهدافه التي أعلن عنها بداية الحرب متبجحاً والمتمثلة بتحقيق النصر النهائي بالقضاء على حماس وقدراتها العسكرية وتحرير الأسرى الإسرائيليين الذين لم تتمكن كل قواته وإمكانياته العسكرية الاستخباراتية والتجسسية المتطورة كالأقمار الاصطناعية وطائرات التجسس والطائرات المسيرة وللأسف بعض الوكلاء أن يعرفوا أماكن احتجاز الأسرى مع ان مساحة غزة لا تجاوز 360 كيلو متر 41 كيلومتر طولا و 6 الى 12 كيلومتر عرضا وهي اصغر من أي قضاء من أقضية العراق ولم يتمكن من إعادة سكان مستوطنات غلاف غزة الى مستوطناتهم وستنسحب قواته من محور فيلادلفي الذي قال ان قواته لن تنسحب منه وغيرها من أهداف الحرب التي أعلنها والتي لم يتحقق منها أي هدف رغم القوة الغاشمة التي استخدمتها قواته ورغم القصف الهمجي المكثف والمجازر الوحشية اليومية التي تطال المدنيين واغلبهم من الأطفال والنساء ورغم منعه إدخال المساعدات الإنسانية الى سكان غزة المحاصرون بالقصف والجوع والعطش ورغم المساعدات الأمريكية الكبيرة عبر جسرين جوي وبحري لم تتوقفان يوما واحدا حيث تنقل لكيانه الأسلحة والمعدات والآليات والذخائر خصوصا قنابل زنة 2000 رطل الفتاكة التي استخدمها الصهاينة في قصفهم الوحشي للعمارات والأحياء السكنية ورغم المساعدات الاستخباراتية واللوجستية الأخرى والمساعدات المالية الامريكية الكبيرة والمواقف السياسية المنحازة لإسرائيل والتي منعت التوصل لوقف إطلاق النار بعد ان استخدمت أمريكا حق النقض الفيتو لأربع مرات ضد قرارات مجلس الأمن التي دعت لوقف القتال ورغم المساعدات الغربية الكبيرة ومساعدات دول أخرى للكيان الصهيوني بالأسلحة والأموال والمواقف السياسية المؤيدة لجرائم الحرب الصهيونية رغم كل هذه الإمكانيات والقدرات المتطورة والمساعدات فان نتنياهو لم يحقق أهدافه من الحرب التي كان يكررها دائماً لكنه حقق جرائم حرب كبرى وإبادة جماعية لسكان غزة وفق ما أعلنته محكمة العدل الدولية والعديد من منظمات حقوق الإنسان واضطر أخيراً الى القبول بالمبادرة الامريكية القطرية لوقف الحرب وتبادل الأسرى عبر مراحل عدة تبدأ المرحلة الأولى يوم الأحد 19 كانون الأول الجاري . وبعد التوصل الى اتفاق وقف الحرب في غزة لا يسعنا الى ان تهني أهلنا في غزة وأبناء شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية الذين تعرضوا هم أيضاً لجرائم الصهاينة ومجازرهم فألف تحية لأهلنا في غزة الصامدين الذين تحملوا مالا يتحمله البشر من قصف وحشي ومجازر لا توصف كانوا يخسرون فيها كل يوم عشرات الشهيد ومئات الجرحى عندما يتم قصفهم بوحشية وهم في العراء أو في خيم متهالكة ومباني مدمرة وبدون غذاء ولا ماء ولا مستشفيات وعلاجات , وألف تحية وتقدير لمقاتلي حماس والجهاد الإسلامي وكل المقاومين الفلسطينيين في غزة الذين أذاقوا القوات الصهيونية الموت الزؤام وكبدوها خسائر لم تتكبدها في كل حروبها السابقة مع العرب والفلسطينيين رغم امكلنياتهم التسليحية واللوجستية المحدودة ورغم القصف المكثف والهمجي عليهم ليل نهار ورغم الحصار, والرحمة والمغفرة لكل شهداء غزة الأبرار ونبتهل الى الله تعالى ان يسكنهم فسيح جناته وألف تحية لمن بقي من أهلنا في غزة الذين تحملوا ما لم يتحمله بشر من فراق أحبتهم وأبنائهم الشهداء وخسارة ممتلكاتهم ونزوحهم المتكرر تحت القصف الهمجي وعدم توفر أماكن تؤيهم وتحميهم من القصف الوحشي وعد توفر الغذاء والماء أعانهم الله على تحمل المعاناة الكبيرة و كل المصاعب الجمة والظروف الصعبة التي مرت والتي ستمر عليهم وستبقى غزة سيفا في خاصرة الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ورمزا للمقاومة والتضحية والفداء حتى يتم التوصل الى حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة الشرعية الدولية ان شاء الله.