الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
القصيدةُ المُحمَّدية

بواسطة azzaman

القصيدةُ المُحمَّدية

لمن لم يتعرّف على محمد الغريب صلى اللـه عليه وآله

وجيه عباس

 

سبَّحتُ فاصطخبَ السؤالُ جوابا

 وَسأَلْتُ فابتدأَ الوجودُ....وغابا!

وَدَلفْتُ هيّاباً أَجِرُّ بعرجَتي

ماطالَ منها في الترابِ ثيابا

بِكَ وزَّعتني الريحُ بين أصابعي

وأنا بلا ظِلٍّ أَجيءُ غيابا

الموحشاتُ تَوَزَّعتني والمدى

أنّى أَجيءُ يُزيدني إتعابا

وأكادُ أرتكبُ الظلالَ لأدَّني

وأراكَ تُبعدُ والصدى يَتَصابى

هبني أضعتُكَ في الوصولِ وأعيني

تَتَلمَّسُ الأجفانَ والأهدابا

لم يبقَ غيرُ الكحلِ بين جفونِها

فلعلَّها تهدي إليكَ إيابا

وَبِأيِ واحدةٍ أراك؟ وإنَّني

أعمى يقودُ خطاهُ فيكَ...فذابا

 

يامُمْكِناً وعلى مشارفِ رحلِهِ

ماكنتُ دونَ فنارِهِ مرتابا

وَاَشَدُّ فيه وثاقةً مما أرى

عن غيبِ ماهو في الحياة أغابا

إذْ كنتَ عِلَّتَهُ ومحضَ وجودِهِ

سَبَباً كما قَدَّرته أسبابا

ولأنتَ عبدُ الله دونَ عبادِهِ

لَبَس القديمَ على الجديد وذابا

 

ياباء بسم الله ألفُكَ مُضمرٌ

فإذا تجلّى الحرفُ كنتَ لُبابا

وَاَباً لما خلقَ الإلهُ حقيقةً

فلأنَّ نورَكَ كانَها أصلابا

لم يُسألُنَّ سواكَ عن مُتَأخِّرٍ

ولأنتَ أوَّلَ من هناكَ أجابا

وحقيقةً للذاتِ أنتَ فمن تُرى

فيها سواك رآى الوجودَ وجابا

أيقظتَ شمسَ الله في ملكوتِهِ

فَتَنَزَّلتْ إذْ أَشْرَقتْكَ قِبابا

وحملتَها في راحتيكَ بليلِها

كي تستريحَ فأغلقت أهدابا

يافيضَ مملكةِ الوجود تقاطرتْ

لِتُقَبِّلَ العَتَباتِ والأعتابا

وَرَحىً حواليها تدورُ وقطبُها

بِكَ أنت إذْ دارت بها أقطابا

من وجهِكَ ابتدأتْ وجودَكَ إنَّها

كانت لوجهِكَ إذْ تعودُ إيابا

 

اللهُ حين اختارَ طينَكَ لم يكن

إلا لأنَّكَ كنتَ فيهِ رِغابا

ولِذا أجبتَ بعالمٍ للذرِّ

كنت هناك أوَّلَ ناطقيهِ فَثابا

وَبِأنَّ بعثَكَ خاتَمٌ لرسالةٍ

رفَّتْ عليكَ ظلالُها آدابا

مُتَقلَّباً في الساجدين كأنَّما

يتوارثونَكَ قِبْلَةً وطِلابا

وَهُمُ بها الأصلابُ كنتَ مُطَهَّراً

لتجيءَ ثانيةً بها أَوّابا

ولأنتَ سرُّ الله..قيل لآدمٍ

إحملْ أباكَ بيتمِهِ توّابا

اَفَهلْ كَمِثْلِكَ مُعْجِزٌ لا والذي

خلق الوجودَ فكنتَهُ أترابا

وكأنَّ “أحمدَكَ” الهُناكَ يقولُ لي

قِفْ حيث كان مُحَمَّدٌ أصحابا

 

يا أنتَ ياهذا الغريبُ بِعَالمٍ

هوَ محضُ ذراتِ الترابِ تُرابا

ولإنَّكَ اليتمُ الفريدُ لربِّهِ

جَعَلَ الأبوَّةَ في حماهُ فطابا

أعطاكَ كوثرَهُ ففاضَ معينُهُ

وكأنَّهُ يزدادُ فيك شرابا

يا أنتَ ياطعمَ الترابِ ومائهِ

والطينُ ثوبُكَ إذْ يفيضُ صَبابا

بِهِما تُغيثُ وأيُّ قدْرٍ لم يكن

بسواهِما إرثٌ يُغيثُ شِعابا؟

أنا إن عميتُ فحسبُ ظنّي أنَّني

أبصرتُ قدرَ النفسِ فيكَ رِحابا

ولأنتَ أكبرُ من مَحَطِّ خيالِها

لونازعتكَ ظنونُها إسهابا

ولأنتَ في الأُفُقِ المُبينِ عجائبٌ

هي ذاتُها عَجَبَتْ بها إعجابا

وَكَأنَّها مما تزيدُ غرابةً

جَعَلتْكَ قِبْلَتها بها أطنابا

أنا فيكَ أحملُ غربتين لأنَّني

حُمّلتُ معنى أن أكونَ رِكابا

ولإنَّ هديَكَ في اليقينِ مثابةٌ

تَبِعتْ خطاكَ فكنتُها أسرابا

وعلى يَديْ من شانئيكَ حِرابةٌ

ورضيتُ لوكانت هناك حِرابا

وَحَملْتُها من أجلِ عينيكَ التي

جَعَلتْ سراطَكَ في اليقين مُجابا

وَهُما اللتانِ إليك تهدي حسبُها

إني نظرتُ فزادتا إلهابا

وَتَوَقَّدت شوقاً إليكَ لأنَّها

قُطْبٌ حواليهِ أدور طِرابا

أَأَضلُّ من يُهدى لهاتيكِ المنى

فيروغُ عنها جيئةً وَذِهابا؟

وَأضلُّ من هَجَرَ السبيلَ بِظِنَّةٍ

أَخذَتْ به تلك الخُطى فارتابا

آمنتُ في عينيكَ تهتديانِ في

صبحِ الخليقةِ ما وعتْ آرابا

إرثٌ هُما لله في ملكوتِهِ

والمُلْكُ فيكَ يزيدُها أطنابا

ولأنتَ وجهُ الله يُؤتى فيهِما

بكَ قد عرفنا اللهَ فيكَ جَنابا

اللهُ يُبصِرُ في عيونِ محمَّدٍ

فلأنها كانت هناك حِجابا

ويداهُ كانت في مُحمَّدَ رايةً

في الحربِ يهزمُ فيهما الأحزابا

والظلَّ كان مُحمَّدٌ عن ربِّهِ

سعيَ المشيئةِ فيه حيث أَثابا

لكنَّهُ خَشَبٌ مُطاعٌ دونَهُ

واللهُ كان بحسبِهِ حَطّابا

 

عُذراً فملءُ دمي تَضِجُّ مواجعٌ

لا أستطيع لدفعِها إذهابا

وَلَئِنْ شكوتُ إليكَ بعضَ فجيعتي

فَلِأنَّ نفسي لا تطيقُ عَذابا

ولأنتَ أعلمُ بالدموعِ إذا جرتْ

لِمُحَمَّدٍ في الحزن لا أَتَغابى

أنا بعضُ ما أبقيتَ بين منازلٍ

وحملتُ فيكَ فجيعتي هيّابا

ولأنَّ صبرَكَ ياغريبَ ديارِهِ

كان العظيمَ ولستَ فيهِ تُحابى

ولأنَّ جرحَكَ أُمَّةٌ مرحومةٌ

غَضَبتْ عليكَ، وزدتَها إغضابا!

قالوا: يتيماً وازدروكَ ظلامةً

أو شاعراً فيما يقولُ مُعابا

أو ساحراً يُوحى إليهِ ضلالةً

جعلوكَ فيها ساحراً كذّابا!!

أو يزلقونَكَ بالعيون وبالجنون

 معايباً حُوشيتَ فيه تُعابا

وعفوتَ إنَّكَ رَحْمَةٌ مسكوبةٌ

للعالمين تزيدُها تسكابا

خافوا على دنياهُمُ ما أورثتْ

فاثّاقلوا الميزانَ فيكَ حِسابا

أَلِأَجل هذي الأمة العمياء

 جئتَ محمَّدٌ كي تُرشدَ الأعرابا؟

أَلِمِثْلِ هذي جئتَ تحملُ هديَها

ولِمثْلِ هذي جئتَ تفتحُ بابا؟

أَلِمِثْلِ ربِّ شُويهةٍ وبعيرِهِ

أعطيت ملكاً لايُقاسُ عِجابا

للمالئين أكفَّهُم بذنوبِهم

والسالبين لغيرهم أسلابا

لو جئت للمدنِ العقيمةِ أنجبتْ

أُمَماً تقود عوالماً وَتُهابا

وَرَأيْتَهم بِكَ يملكونَ مشارقاً

ومغارباً، ووجدتَهُمْ أطيابا

لكنَّ تلك مشيئةُ للّهِ فيهم

 أن تكون كما خُلقتَ عِرابا

وَبِأنَّ جدَّكَ هاشمٌ وذؤابةٌ

شَرُفتْ بأنَّكَ صلبُها أنسابا

وَبِأنَّ بيتَ الله حرمتُك التي

دَرَجتْ خُطاك بتربِها إنجابا

وَبِأنَّكَ القرآنُ يُتلى دونَهم

سمعوهُ فازدانوا بهِ إعرابا

لكنَّهم تركوكَ وحدَكَ ميِّتاً

وتناهبوك مدائناً وَخَرابا

وَتَقمَّصوا في بُردتيكَ وإنَّما

كانوا بدفْنِكَ في الثرى غُيّابا

ولأنَّهم وَهِنوا، وتلك حقيقةٌ

صاحوا برحلِكَ في الورى إنهابا

 

أعرابُ مكَّةَ والمدينةِ آمنوا

بلسانِهم، وتهوَّدوا أحسابا

ولأنَّك المختارُ دونَ قريشِهِ

خسروا النبوَّةَ فيك والألقابا

وَهَبُوكَ للمنفى فقرَّتْ أعينٌ

وبكيتَ فيهم موطناً وهِضابا

وطَويتَ قلباً كاد يوسعُ عالَماً

للأمنياتِ ومنظراً خلّابا

زرعوا به للحزنِ ألفَ مدينةٍ

كنت الغريب تلفُّتاً وإهابا

دعني أَبُثُّكَ في اليقين هواجسي

فالسيلُ قد بلغَ الزُبى وانجابا

لكنَّني وحقيقِ نورِكَ أعزلٌ

إلا من الكلماتِ تغرزُ نابا

مُتَشحِّطٌ بدمي عليكَ وغربتي

تغري القوافي يلتهبنَ غِضابا

أُنبيكَ عن مُتَنمِّرين توارثوا

دَمَكَ النبيَّ وأهدروه نِصابا

أبواكَ كانا كافِرين بزعمهم

وكفيلُ يُتْمِكَ كافرٌ قد خابا!!

الحزنُ والميلادُ أكبرُ بُدعةٍ

وخلاف ذاك نُعدِّدُ الأربابا!!

وصلاتُكَ البتراءُ أصدقُ قولةٍ

حتى وإن أنكرتَها أحقابا!!

تُهدي الخمورَ قُبيل بعثتِكَ التي

جاءتْ وأنتَ تُوزِّعُ الأنخابا!!

وقضيتَ في قتل الأسيرِ كأنَّما

جعلوكَ في أوصافِهِم قَصّابا!!

وأردتَ أن تُلقي بنفسِكَ في الردى

من ثقلِ ماحُمِّلتها ألعابا!!

وَيُصحِّحونَ لك الحديثَ لأنَّهم

حضروا به، ونبيُّهُم قد غابا!!

الشِرْكُ لو زرتَ النبيَّ بقبرِهِ

من زار قبرَكَ مشركٌ ما تابا!!

الشمسُ تشهدُ في مُحَمَّدَ أنَّها

طلعتْ عليه ولم يكن خَبّابا

والعِصمُةُ السمحاءُ فيك تَطَبُّعٌ

والطبعُ فيك تخالفا وأعابا

وحديثُكَ المرويُّ ماقالَ البخاري

 ثم مسلمُ دوَّناه وشابا

الجاهليةُ أنَّهم لم يعرفوكَ

 حقيقةً فتجاهلوك صَوابا

للآن نحنُ بها نُكذِّبُ”أحمداً

ونعود فيك مظنَّةَ وَسَرابا

ونقولُ: مُلْكٌ لم تُورِّثْ دونه

الثقلين فيهم عترةً وكتابا

 

وَمُحمَّدٌ وَجَعٌ بخاصرة المدى

ومدائنٌ للحزنِ كُنَّ يَبابا

وَمُحمَّدٌ سِوَرٌ تلتْ وصحائفٌ

آناءِ ليلِكَ تستفيضُ عتابا

وله سماواتٌ ومعراجٌ بها

لو شاء لاختصرَ السماءَ وجابا

جبريلُ ناقلُ وحيِهِ أكرمْ بمن

جبريلُ يحمله هناك خطابا

من أحمد لِمُحَمَّدٍ بحقيقةٍ

جبريلُ كان بزعمِهِ بوّابا

 

إيهٍ أبا الزهراءِ كلُّ مواجعي

وقفٌ عليكَ وإنْ سألتَ تُجابا

لا أنتَ لا الغُرُباتُ تشفعُ دونَهم

ودماكَ تملأُ من بنيك جِرابا

هيَ أمَّةٌ تسعى لقتلِ نبيِّها

وكأنَّها تستبدلُ الأثوابا

قتلتكَ أمَّةُ “أحمدٍ” وَتَنقَّبتْ

من بعد قتلِكَ في قريش نِقابا

وكأنَّما أوصيتَهم بوصيَّةٍ

في قتل أهليك الكرام عِقابا!!

سلْ بابَ فاطمةٍ...تُجبْكَ بأنَّهم

هتكوا الحجابَ وأحرقوا الأبوابا!!

وعن الضلوعِ وكيفَ تُعصَرُ مهجةٌ

بالباب يكسرُ ضلعَها أخشابا

وعن الخيالِ وكيف تُدفنُ بضعةٌ

هي أمُّكَ الزهراء حين تُثابا

وعن الوصيِّ يُقادُ دون نِجادهِ

فيها أسيراً لايحيرُ جوابا

عَقِلوا ديونَكَ في “عليٍّ” كلَّها

وكأنَّهم كانوا هناك ذئابا

دَيْنٌ بدَيْنٍ في عليَّ لأنَّهُ

قتل القريبَ مع البعيدِ ضِرابا

وبذاكَ جاءت عصبةٌ أُمويَّةٌ

رفعتْ قميصَ خلافِها أنصابا

قَتَلتْهُ في المحراب أمَّتُكَ التي

قَتَلتْهُ فيكَ مودَّةً وقُرابا

وعدت على الحَسَنِ الزكيِّ بشربةٍ

فيها سقتهُ الموتَ والأكوابا

وبكربلاء دمُ الحسين مصارعٌ

ومقاتِلٌ وَدَمٌ يفيضُ سحابا

«صلّت على جسد الحسين سيوفُهم

فغدا لساجدة الظُبا محرابا”١

كانت رؤوسُ بنيك فوق رماحِهم

وسِباك يشخبُ من دمٍ أعنابا

وكأنَّما أوصى مُحمَّدُ فيهُمُ

أن يحملوا فوقَ الرماحِ رِقابا

هَهُنا رضيعٌ سوفَ يُذبحُ، والمدى

جُثَثٌ تدورُ مع الرؤى دولابا

وهنا عباءة “زينبٍ” ومن السِبا

ذُلّاً تُقادُ إلى “يزيد” سِلابا

قرآنُ من يُتلى بأمَّة أحمدٍ

والرأس فوق الرمح كان عِجابا

إسلامُ من قلب الوصايا كلَّها

جعلوا مُحمَّدَ دونهم أغرابا!!

 

ياأيُّها المندكُّ بين أضالع


مشاهدات 36
الكاتب وجيه عباس
أضيف 2025/01/17 - 11:31 PM
آخر تحديث 2025/01/18 - 4:54 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 110 الشهر 8026 الكلي 10197991
الوقت الآن
السبت 2025/1/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير