أزمة الرواتب.. جذور المشكلة والحلول
وفاء الفتلاوي
تتصاعد حدة أزمة الرواتب بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، مما يعكس تعقيدات العلاقة بين الطرفين في إدارة الموارد المالية والنفطية، حيث تتمحور المشكلة حول التزامات الإقليم بتسليم إيراداته النفطية وغير النفطية إلى بغداد، مقابل ضمان حصته من الموازنة، بما في ذلك رواتب الموظفين، في حين يمر العراق بأزمة مالية حقيقية ربما تلقي بظلالها على الجميع وسط تذبذب أسعار النفط ورفض البنك المركزي العراقي اقراض الحكومة لديونه الكبيرة ومخاوف من عدم استمرارا الاستقرار السياسي الذي ينعم به البلاد منذ سنتين إضافة الى ما تمر به المنطقة من تحديات اقتصادية وسياسية.
ومع ذلك، فإن الخلافات السياسية والفنية تعرقل الوصول إلى حلول مستدامة، وجذور الازمة تكمن في الخلاف على الإيرادات النفطية، اذ تطالب الحكومة الاتحادية إقليم كردستان بتسليم 400 ألف برميل يومياً إلى شركة «سومو»، إلا أن الإقليم يتهم بغداد بعدم الوفاء بالتزاماتها المالية، بينما تشير تقارير إلى تهريب النفط من الإقليم بحسب تصريحات مسؤولين.
كما هناك اتهامات للإقليم بعدم تسليم الإيرادات غير النفطية بالكامل، مما يزيد من تعقيد العلاقة المالية بين الطرفين، وتشير تقارير إلى أن سوء إدارة الموارد في الإقليم يفاقم الأزمة، حيث لم يتم توطين الرواتب بشكل كامل، مما يعرقل صرفها في الوقت المناسب في حين تسعى حكومة الإقليم الى توطين الرواتب حسب رغبتها وفقاً لتسويات سياسية ذهبت إلى الاتفاق على توطينها في أي مصرف خاضع لشروط ورقابة البنك المركزي، في حين غالبية الموظفين يعتقدون أن التوطين في المصارف الاتحادية الحكومية هو الأصح والأولى لضمان وصول رواتبهم بالموعد المحدد دون أي تأخير. ولغرض انهاء ازمة الرواتب يجب تطبيق اتفاقات واضحة بين الطرفين وشفافة ومحددة حول تسليم النفط والإيرادات غير النفطية، مع ضمان حصة الإقليم في الموازنة، إضافة الى تسريع عملية توطين رواتب موظفي الإقليم لضمان صرفها بشكل منتظم، بعيداً عن أي تعقيدات إدارية، وإنشاء آلية رقابية مشتركة بين بغداد وأربيل لمتابعة الإيرادات النفطية وغير النفطية، وضمان توزيعها بشكل عادل.
الازمة بحاجة ماسة الى إبعاد ملف الرواتب عن السياسة، اذ يجب التعامل مع ملف الرواتب كقضية إنسانية واقتصادية، بعيداً عن التجاذبات السياسية التي تعرقل الحلول، وعلى الإقليم والحكومة الاتحادية العمل على تعزيز الإيرادات غير النفطية لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للتمويل. والخلاصة تؤكد إن أزمة الرواتب بين الإقليم والمركز ليست مجرد خلاف مالي، بل تعكس تحديات أعمق في إدارة الموارد والعلاقات بين الطرفين، وكما ذكرت انفاً ان الحل يكمن في تعزيز الشفافية، الالتزام بالاتفاقات، وإبعاد الملف عن التجاذبات السياسية، لضمان حقوق الموظفين وتحقيق الاستقرار المالي في العراق.