حكايات وليالي ثقافتنا العربية
عبدالواحد محمد روائي
قالت جدتي يوما أنها الحكاية التي تمنح عقولنا الحب الكامن في القلوب التي كانت تقرأ تلك الحكايات في الكتاب الورقي الذي هو بالتأكيد الرواية العربية في مصر الشام العراق الجزيرة العربية الخ من منطلق الإحساس الدائم بالثقافة المكتوبة حتي وان كانت تجهل القراءة والكتابة لكنها الحكاية ومستمعيها عبر الأثير التلقائي لاوتار صوتها الذي لا نظير له هو يقينا صوت فوق الفيروزي وهذه متعه الكتاب الورقي الذي كانت تحفظه جدتي عن ظهر قلب من خلال احاديث جدي مدرس اللغة العربية الذي كانت له الونس والسعادة والزوجة الوفية وكان لها مستودع ثقافة عريقة وعشق واحترام بل سرد دائم من حكايات خاصة ترددها لاحفادها في تسالي الشتاء الباردة ونسمات الصيف الرطبة في عناق حميمي من مشاعر كتاب ورقي كتب العديد من صفحات الحب والانتماء والوطن
لذا احتل الكتاب الورقي منزلة مبكرة في اذهاننا جميعا قبل سنوات الدراسة الابتدائية بفطرة جدتي التي مازالت تخاطب عقولنا بعد رحيلها بعقود طويلة جدا مازالت صوت فوق الفيروزي بكل متعة زمن وكتاب ورقي
ولاريب كان الكتاب المطبوع هو ثمرة ثقافة جادة لانه مجهود دائم لكاتب ومبدع مع كل سطوره الرشيقة وفي كافة المجالات العلمية والابداعية فكل منا كان يحلم منذ صغره ان يكون لديه مكتبة صغيرة ورقية اشبه بمكتبات المدرسة بل ومثقفين عصر ما قبل الإنترنت والايقونات الذكية التي جعلت للكتاب المطبوع منزلة سامية مازالت تقاوم يبطيء الكتب الالكترونية التي جعلت من الثقافة الحالية طنين من مشاعر متناقضة بين الاعتراف بكتب الرقمنة ورفضها في نفس اللحظة بداخلنا عندما تقتحم حكايات الجدة وجدتي الرأس والقلب مع جلسات السمر اللذيذ شتاءا وصيفا هكذا كان الكتاب الورقي قنديل ثفافتنا العربية حتي في سنوات الجامعة وزيارة معرض الكتاب الدولي في القاهرة بيروت بغداد وسائر عواصمتا العربية من المحيط إلي الخليج كان الكتاب المطبوع سفيرا لثقافة الضاد وثقافة الآخر بكل لغات عالم.
اما اليوم اصبح الكتاب الالكتروني مصدر ثقافة شابة جدا جدا جدا دون احساس بمشاعر الام والاب والجدة والأشقاء والجيران وصوت مدفع الافطار الرمضاني بل اللمة الكل يعيش مع ثقافة افتراضية لا تعطي قيمة للابداع الأصيل كما كانت ليالي زمن مع الكتاب الورقي
لكنها معادلة الثقافة بين الأمس القريب واليوم وهو ما سيكتب ثقافة جديدة بحلول اعوام قليلة ان الكتاب الورقي في طريقه حتما إلي الرحيل الاندثار من حياتنا الثقافية مهما كانت الرغبة الدائمة في بقاء الكتاب المطبوع سفيرا لثقافتنا العربية وثقافة الآخر اسالوا برامج الذكاء الاصطناعي !!
والجيل الشاب اليوم هو جيل الكتروني بلا جدال من خلال منصات الزوم والتعليم عن بعد والفيس بوك وسائر الوسائط الرقمية التي تقدم ثقافة بلا معلم سوي ثقافة الصورة والرأي الشخصي دون التحقق من رؤي الماضي الا من بعض المتخصصين الذين يقدرون ثقافة الكتاب المطبوع ويقدمون خلاصة تجاربهم بصدق وانتماء وطن
لكنها يقينا وبلا شك معادلة ثقافة بين الورقي والإلكتروني مهما كان النقد والرأي الآخر لتبقي ثقافتنا العربية في اعمها حكايات من حكايات جدتي قديما مع الكتب المطبوعة ومع همهمات ابناءنا في منازلنا الذين غادروا كل حجرات الدفيء اللذيذ إلي دفيء الحجرات الإلكترونية الباردة من كل مشاعر إنسانية لكنها لغة عصر وجيل المستقبل .
عبدالواحد محمد روائي