قضايا في كلمات
عدنان سمير دهيرب
تفتقر معظم وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي و الاعلامي الى احد أهم عناصر الصحافة و الاعلام , متمثلة بالتحقق من الأخبار , و تشير الى الدقة و الأنضباط خدمة للمصلحة العامة من ناحية و مدى مصداقية الوسيلة الاعلامية من ناحية أخرى . لاسيما المعلومات التي تنطوي على أبعاد سياسية , تهدف الى الإثارة و نشر الاضطراب بتسويق الإشاعات السوداء التي تنتعش في بيئة تتسم بالصراعات السياسية و التحديات الخارجية و النزاعات الاجتماعية ,التي تفضي الى القلق , و إشغال الجمهور بقضايا كاذبة و صناعة إعلامية بمساندة وسائل تواصل ممولة , لتمرير إعراض سياسية تسهم بارباك المجتمع و الدولة . (عمال سوريون أرادوا تسميم الطعام في العراق ) مثالاً .
أقترن خطاب وسائل الاعلام بالواقع السياسي القائم على التحاصص منذ إزاحة النظام السابق , بهدف التغيير و منح لقوى سياسية و طبقة حاكمة تعيد إنتاج نفسها . فيما أستمر الخطاب الاعلامي إنعكاس لايديولوجيا الاحزاب العرقية و الطائفية و الدينية التي تسيدت المشهد السياسي , و غدت أذرعاً لتكريس الهويات الفرعية التي أدت الى الانقسام اللامرئي , و أفرغت الهوية الوطنية الجامعة من قيمها في المساواة و المواطنة و العدالة الاجتماعية و الحرية التي تشكل عناصر الديمقراطية لنظام لم يرتقِ لتطبيقها بعد أكثر من عشرين عاماً . إذ رجع قادة أحزاب و وسائلهم الأعلامية الى الدعودة للانقسام المرئي وفق أسس عرقية و مذهبية على الواقع (إقليم شيعي و آخر سني على خطى الدولة الصامتة في الشمال) بايقاظ و تسويق الخطاب الطائفي لإستمالة الجمهور قبل كل إنتخابات مستفيدة من التحديات الداخلية و الاقليمية لتوظيفها في الخطط التي تسهم باستمرار وجودهم في السلطة و إستمراء لعبة المخاتلة و الخداع بهدف الهيمنة و نهب المال العام الذي أصبح أحد مؤشرات الهشاشة للنظام السياسي .
إرتفاع عدد القنوات التلفازية في العراق الى أكثر من 80 قناة مختلفة الخطابات و الاتجاهات تُعد علامة للتنوع و التعدد و الحرية – رغم إن الصين لديها 26 قناة فقط – غير إن النظام الاعلامي و السياسي إستثمر معظم تلك القنوات و الوسائل لتسويق خطابات آيديولوجية خلافية و تغطية لتحديات و صراعات الواقع السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي , و تنفيذ جانب من النظرية النفسية (التنفيس) لحرية التعبير عن الرأي عما يحيق الفرد من مشكلات تتعلق بغياب حاجاته الاساسية , مما أفقد حرية التفكير و التعبير أثرها و غدت كلمات بلا صدى , حول قضايا تتعلق بوحدة و مستقبل الوطن , و أصبحت منابر للغو و التأويل و التحريض لنشر خطابات الكراهية الذي عمق الخلافات الداخلية , و أنتج صراعاً بينياً بين أبناء المجتمع , لتشويه صورة التنوع , لتلتقي مع مخطط بدأ منذ عقود لإضعاف و تدمير العراق .
إن وظيفة الاعلام ليس تزويد المواطن بالمعلومات و الاخبار و الحقائق و الترفيه فحسب و إنما إشاعة المعرفة , بناء الانسان , نشر ثقافة التسامح , تغذية المواطن للمطالبة بحقوقه , نبذ العنف , محاسبة و مساءلة السلطة و معرفة الآليات الديمقراطية لتطبيقها . و قبلها تعمق الانتماء للوطن الذي سُرق , و أفضى الى رفع الشعار الأبرز لحراك تشرين الذي قُمع قبل تطبيق شعار (أريد وطن).
كلمات مضيئة : وسائل الاعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض . لديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين و جعل المذنبين أبرياء , و هذه هي القوة , لانها تتحكم في عقول الجماهير .(مالكوم إكس).