الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
التحليل السياسي والعسكري للصراع الروسي الأوكراني

بواسطة azzaman

التحليل السياسي والعسكري للصراع الروسي الأوكراني

ياسر حسين احمد

 

منذ بدء الغزو الروسي الواسع لأوكرانيا في فبراير 2022، دخل النظام الدولي مرحلة إعادة تشكيل حادة، اتسمت بتحديات جيوسياسية غير مسبوقة. واليوم، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على بدء الحرب، أصبحت الساحة الأوكرانية مسرحًا لحرب استنزاف متواصلة، بين روسيا من جهة، وأوكرانيا بدعم غربي متقلب من جهة أخرى. وقد تطور هذا الصراع من مجرد نزاع حدودي إلى اختبار عالمي لديناميكيات القوة والسيادة ومرونة التحالفات. وعلى الصعيد العسكري، تواصل روسيا شن هجمات متعددة المحاور في دونيتسك وخاركيف وسومي، معتمدة على زخم عددي يتجاوز نصف مليون جندي. ومع ذلك، فإن هذه التطورات تأتي بتكلفة باهظة لموسكو من حيث الخسائر البشرية واللوجستية. وتشير تقديرات الاستخبارات الغربية إلى أن أكثر من مليون جندي روسي قُتلوا أو جُرحوا منذ بدء الصراع، مقابل مكاسب محدودة في ساحة المعركة.

طائرات مسيرة

من ناحية أخرى، تستخدم أوكرانيا تكتيكات غير تقليدية، أبرزها استخدام طائرات مسيرة بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية، كما حدث في عملية «سبايدروايب» التي ألحقت خسائر فادحة بالقوات الجوية الاستراتيجية الروسية. سياسيًا، تشهد الدبلوماسية الدولية ركودًا في ظل التوتر. تسعى أوروبا، بقيادة فرنسا وبريطانيا، إلى تحريك المياه الراكدة من خلال قمة لندن، التي طرحت مفهوم «تحالف الراغبين» لتوفير ضمانات أمنية مستقبلية لأوكرانيا. في المقابل، تتراجع الولايات المتحدة بتقليص دعمها العسكري المباشر لكييف، متذرعةً بتناقص مخزونات الدفاع الوطني، مما يزيد الضغط على القيادة الأوكرانية التي تعتمد بشدة على الدعم الخارجي. اقتصاديًا، يواجه كلا الجانبين تحديات متنوعة. فالاقتصاد الأوكراني معرض لخطر الانهيار مع عجز سنوي يقترب من 40 مليار دولار، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم والبطالة. كما أن احتياطيات النقد الأجنبي آخذة في النضوب، بينما يعاني القطاعان الزراعي والصناعي من أضرار واسعة النطاق في البنية التحتية.  في روسيا، ورغم العقوبات الاقتصادية الدولية، يبدو الاقتصاد أكثر قدرة على التكيف بفضل التحولات الاستراتيجية نحو الشرق وصفقات الأسلحة مع دول مثل كوريا الشمالية وإيران. ومع ذلك، لا يزال النمو الاقتصادي محدودًا، إذ لم يتجاوز 1.4بالمئة هذا العام، مما يعكس الأثر المستمر للعقوبات الغربية الموسعة. أما على الصعيد الإنساني، فتتفاقم الأزمة بشكل كبير. ينتشر ملايين اللاجئين الأوكرانيين في أنحاء أوروبا وداخل البلاد، وسط انهيارات مستمرة في الخدمات الأساسية.

قيادة روسية

وقد وثّقت منظمات حقوق الإنسان الدولية الفظائع المرتكبة في المناطق التي تحتلها روسيا، بما في ذلك الإعدامات الميدانية والتعذيب، مما قد يعرض القيادة الروسية للملاحقة القانونية في المستقبل إذا تغيرت موازين القوى. في ضوء هذا المشهد المعقد، من الواضح أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا في 3 يوليو/تموز 2025 لا يزال بعيدًا عن الحل النهائي. تتجه الحرب نحو نموذج استنزاف طويل الأمد، مع تآكل واضح للدعم الغربي من جانب، وإصرار روسي على فرض حقائق جيوسياسية جديدة بالقوة من جانب آخر.  لا توجد مؤشرات ملموسة على وقف إطلاق نار شامل، ولا قدرة حاسمة لأي طرف على ترجيح كفة ميزان القوى بشكل حاسم. ما نشهده اليوم هو حرب أعصاب بقدر ما هو حرب دفاع، حيث قد لا تكون الكلمة الفصل للأقوى جيشًا، بل للطرف الأكثر قدرة على الصبر والتكيف والمناورة السياسية.

 

 

 


مشاهدات 96
الكاتب ياسر حسين احمد
أضيف 2025/07/15 - 4:17 PM
آخر تحديث 2025/07/16 - 8:03 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 294 الشهر 10050 الكلي 11163662
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير