الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قراءة في كتاب.. عندما يحكم التافهون المجتمعات والدول

بواسطة azzaman

قراءة في كتاب.. عندما يحكم التافهون المجتمعات والدول

قتيبة آل غصيبة

 

صدر قبل عدة سنوات؛  كتاب نظام التفاهة للفيلسوف الكندي *آلان دونو* والذي ترجمته للعربية وعلقت عليه الدكتورة مشاعل الهاجري؛ عرض فيه أفكاره النقدية حول سيطرة «التافهين» والانظمة الفارغة على المجتمعات الحديثة؛ إذ في الوقت الذي تواجه فيه أمتنا أقوى عواصف العدوان؛ حيث غزة البطولة؛ التي تدوي فيها اصوات القنابل؛ ترعد حتى الاصم؛ وتشم فيها رائحة الموت والدمار في كل مكان؛ وتيتم الصغار؛ وتثكل الكبار؛ ولم يعد الامر يقتصر على ذلك؛ بل امتدت عواصف العدوان  أمتنا؛ لتشمل؛ العدوان العسكري والاقتصادي والفكري والثقافي؛ في الوقت الذي يغرق الكثير وبالأخص الشباب في بحار التجهيل؛ لا يعرفون امتهم؛ ولا يدركون ما هي؛ بل حتى لا يدركون من هم بالاساس؛ جالسون خلف شاشات تعج بالتفاهة والتجهيل.. وقد اجاب المؤلف «ألان دونو»؛ في كتابه هذا؛ قائلا : « لا تكن فخوراً؛ ولا مؤمناً؛ ولا حتى مرتاحاً؛ لقد تغير الزمان... لقد تبوأ التافهون موقع السلطة»؛ في هذه الكلمات يكشف المؤلف؛ شكل عالمنا الجديد؛ ذلك العالم الذي يسيطر فيه التافهون على كل مفاصل الحياة؛ والذين أدت تفاهتهم لتدهور الكفأة العالية؛ فهمشت منظومة القيم؛ وبرزت الاذواق المنحطة؛ وأُبعد الأكِفاء؛ فتسيد إثر ذلك شريحة كاملة من التافهين والجاهلين ذوي البساطة؛ وللأسف فقد القت هذه التفاهة بظلالها على مختلف نواحي الحياة...

توجد في الكتاب العديد من المعلومات  العميقة؛ والتي يمكن أختصارها بمقولات تصلح لتكون (حِكَماً أو أمثالاً)؛ تلخص مضمون الكتاب وبما ينطبق مع واقعنا  المرير :

1. التفاهة نظام... وليس مجرد ظاهرة عابرة.:

قوالب جاهزة

يشير المؤلف إلى أن ما نراه سطحياً أو انحداراً ثقافياً ليس أمراً عفويًا؛ بل هو نظام مُدار بذكاء؛ يُحافظ على هيمنة فئةٍ لا تمتلك إلا القدرة على التكيف مع القوالب الجاهزة؛ ولا مكان للإبداع أو الافكار العميقة والرصينة

2. *الســـــــــــلطة اليوم ليست للعباقرة؛ بل للمتوسطين الذين لا يزعجون أحداً. ** :

   ينتقد مؤلف الكتاب  تحوّل المناصب المؤثرة إلى يد «التافهين» (أو ما يسميهم المتوسطين المرضيٌ عنهم) الذين يُكرّسون الوضع الراهن بدلاً من تحديه

3. لم يعد الجهلُ عيباً... بل أصبح شرطاً للترقي:

في نظام التفاهة، يُكافأ من يتبع الأوامر دون مساءلة؛ بينما يُعاقب المفكّرون والمُختلفون

 4.لقد أصبحت الكفاءة الحقيقية تهديداً للنظام.: 

يُبرِز الكتاب مفارقة مُرّة؛ (كلما زادت كفاءة الشخص وقدرته على النقد؛ زادت عزلته في مؤسسات تفضّل «الموظفين الطيعين»)

 5. التفاهة تُنتج ثقافتها الخاصة: لغة مبهمة، اجتماعات لا معنى لها، ومشاريع وهمية.؛ فهذه العبارة تلخص آليات عــــــــــــمل النظام الذي يخلق ما يسمى وهم الإنـــــــــجاز بينما يفرغ العمل من مضمونه

إن هذه المقـــــــــــولات يمكن اعتبارها حِكمٌ؟ 

تلامس واقع

لأنها تلامس واقعاً يعيشه الكثيرون ومنهم أمتنا في عصرنا الحالي؛ في التعليم والثقافة والاعلام  والتجارة والاقتصاد والسياسة؛ حيث يُختزل النجاح في اللعب حسب القواعد ؛ بعيدا عن الإبداع أو المضمون والجوهر ....

وبمقولة واحدة تلخص الفكرة؛ فستكون

في نظام التفاهة، لا تحتاج إلى أن تكون الأفضل؛ بل إلى أن تكون الأكثر توافقاً مع العادي..

والله المستعان...


مشاهدات 40
الكاتب قتيبة آل غصيبة
أضيف 2025/04/19 - 4:03 PM
آخر تحديث 2025/04/20 - 2:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 196 الشهر 20122 الكلي 10900769
الوقت الآن
الأحد 2025/4/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير