150 عاماً على تأسيس قضاء الهندية
إستذكار تاريخي لمسار المجتمع الطويرجاوي
طويريج أيقونة الأنهر الثلاثة
قاسم المعمار
-نعم الف مبروك بحلول اكثر من (150) عاماً على تأسيس قضاء الهندية (طويريج) بعد تأهيلها ادارياً وفنياً وجغرافياً من قرية صغيرة ذات سعة استيعابية متزايدة في كثافتها السكانية حينها عين الشيخ عمران السعدون اول قائمقام لها في عهد الوالي العثماني مدحت باشا عام 1870م .
-لقد شهدت هذه البقعة سلسلة من هجرات متعاقبة بداية عام 1910 داخلية من الشمال والجنوب والوسط وخارجية من ايران والهند واقليات مسيحية ويهودية وصابئية احترفوا فيها مهن الزراعة والتجارة والصناعة والصيرفة والصياغة مما حصل هنا حالات تقارب وتزاوج ما بين هذه العوائل وابناء البلدة في محلاتها السكنية الخمسة (الكص ومحرم عيثة والسيد حسن وشيخ حمزة والطنبي) والنواحي التابعة لها (الكفل – ابو غرق – الجدول الغربي) اما تسميتها بالهندية فقد جاءت نسبة الى آصف الدولة الوزير محمد شاه الهندي الذي قدم مشروعاً لإيصال الماء الى النجف الاشرف خلال عهد الوالي سليمان باشا العثماني حيث تم حفر النهر من مدينة المسيب الى جنوب الكوفة ماراً بمدينة طويريج .. وبعد تشييد سدة الهندية عام 1913 اوجدت شبكة جداول لتنظيم عملية الارواء الزراعي في المنطقة ، لذا اوجدت المجارش لإنتاج الرز على نهر الهندية وانتعاش التسويق النهري.
حركة رياضية
-وقد استعنت بمصادري التوثيقية الخاصة وما كتبه صديقي الدكتور فلاح محمود خضر في مطبوعه التاريخي بجزأين الموسوم بـ(مدينة الهندية طويريج في العهد العثماني والملكي) كونه استاذ التاريخ في جامعة بابل ، وكذلك اصدار الاستاذ حميد بليبص كتاب (تاريخ الحركة الرياضية في طويريج) .
-ان المتابع لهذه الهجرات ان الهدف هو قربها السكني من كربلاء المقدسة لزيارة مرقدي الامام الحسين واخيه العباس (عليهما السلام) .. لذا شهدت هذه المدينة ورود صناعات شعبية جديدة في الخياطة والحدادة والنجارة .
-والجدير بالاشارة هنا ان الملك فيصل الأول حينما زار طويريج التقى السيد هادي صالح القزويني في داره وعرض عليه منصب رئيس الوزراء ، ا لا ان القزويني رفض العرض كونه رجل دين وليس رجل سياسة .
-لقد اضطلعت هذه المدينة بأطرافها الزراعية دوراً ايجابياً في دعم واسناد ثورة العشرين ومن لدن عشائر آل فتله وبني حسن وكريط وحليجة والمعامرة والجبور والبو سلطان وزيد .. وكانت الشاعرة الشعبية ام الولاية حظية الكوام (مهوال) هذه العشائر التي تثير حماسهم الوطني لصد المستعمرين اضافة الى كونها (القابلة المأذونة) في المنطقة ، اضافة الى شهرة الحاجة (روطه) بتجارة القماش في منطقة الفرات الاوسط بيعاً وشراءاً .. وكان الحاج هندي الحلاق الوحيد لوجود موظفي البلدة فهو الختان والمضمد والمعالج معاً ذو اخلاق حسنة مع الجميع في الثلاثينات .
-اما التعليم فلم يكن معروفاً الا من خلال بضعة (ملالي) وكتاتيب الا انه في عام 1917 افتتحت اول مدرسة ابتدائية للبنين في المدينة .
-في هذه المدينة انبرت مجموعة من شبابها للتزهد والتفقه الديني ، وقد صدرت عنهم المخطوطات والمطبوعات مما كسبوا احترام مجالسهم الدينية.. فمثلاً كانت بيوتات السادة القزاونة مثالاً حياً لذلك ... اما زهاد المدينة المعروفين فمنهم ..
•العلامة السيد محمد تقي الحسيني معتمد الحوزة العلمية في النجف الاشرف.
•الشيخ الدكتور فاضل المالكي .
•الشيخ العلامة محمد ابراهيم الطرفي .
•خطيب المنبر الحسيني السيد مهدي المحنا .
•السيد رضا القزويني .
•خطيب المنبر الحسيني جاسم الطويرجاوي .
•الدكتور السيد فرقد القزويني عميد الجامعة الاسلامية في الحلة .
•خطيب المنبر الحسيني السيد قاسم محمد الخطيب .
ملتقى مثقفين
-ومما يذكر هنا ان الاستاذ محمد حسن الكتبي قد افتتح اول مكتبة (اهلية) في المدينة لتكون ملتقى المثقفين والشباب في الاربعينات .
-وتعد «ركضة طويريج» من ابؤرز تقاليد المدينة السنوية استذكاراً لمعركة الطف وثورة سيد الشهداء الحسين بن علي واخيه العباس (عليهم افضل السلام) ضد الطغيان والاستبداد ، اذ تخرج مسيرة بالآلاف قد تتجمع امام مرقد السيد ابو هاشم وانطلاقها وهي تجوب شوارع المدينة ومواكب آل عنبر وظيف الله وتنتهي في دور القزاونة الواسعة وذلك ليلة التاسع من شهر محرم الحرام ، على ان تكون الانطلاقة المليونية الكبرى لركضة طويريج ظهر اليوم التالي في كنطرة السلام في كربلاء المقدسة نحو المرقدين الطاهرين .
وحدة الروابط الاجتماعية :
-من اجمل سمات هذه الوحدة تلك الخطوات التزاوجية بين ابناء طويريج (الهندية) مع الاقليات القومية والدينية .. واجمل مثال التي شاعت هناك تلك الزيجات المصونات بين عوائل السادة الياسريين وآل بكر وامتداد سعة هذا التزاوج بين الابناء .
-كما حصل هذا التزاوج مع العوائل الهندية والايرانية والكردية والتركمانية وتوطيد علاقات المحبة والاخوة مع تواجد المسيحيين واليهود خاصة اوائل عام 1920 وما بعدها .
-وتشير احصائية وزارة التخطيط الى نفوس قضاء الهندية مع نواحيها الخيرات والجدول الغربي لعام 2014 حسب التعداد السكاني قد بلغ ما يزيد على نصف مليون نسمة . -اما مساحة مركز القضاء فتزيد على 389 الف دونماً ، كما ان هذا القضاء تبع ادارياً الى محافظــة كربلاء بعد ان كان تابعاً الى محافظة بابل وذلك عام 1987م .