الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فلسفة وأهداف الشرطة المجتمعية وأدواتها

بواسطة azzaman

فلسفة وأهداف الشرطة المجتمعية وأدواتها

أكرم عبدالرزاق المشهداني

 

فكرة (الشرطة المجتمعية) هي فلسفة تتيح مشاركة جديدة وفاعلة لأفراد المجتمع للتعرف علي المشكلات الاجتماعية ومعالجتها بالتعاون مع الشرطة من منطلق أن (الأمن مسؤولية الجميع)، فهذه الفلسفة متى ما وجدت آليات علمية وفعالة وصلاحيات واضحة سوف يكون لها عظيم الأثر في الحفاظ علي أمن المجتمع، ولكن لا بد من ان يعي المجتمع خطورة وضرورة اعتبار (الوقاية من الجريمة) هدفاً وطنياً تكرس له الجهود وتنشأ له المنظمات والهيئات الكفيلة بتحقيقه مع الأخذ في الاعتبار بان الخطط التي يتم رسمها لهذا الهدف ينبغي ألا تقل أهمية عن الخطط الاقتصادية والاجتماعية للدولة، خاصة وأنَّ عدم التوقيّ من الجريمة بشكل فعال يمكن أن يسفر عن عرقلة وتعثر جهود التنمية بكافة أشكالها، مع ضرورة التعامل مع منع الجريمة كهدف وطني لابتكار صور وطرق جديدة لمكافحتها ومنعها، ولا شك أن التكاتف والاشتراك الجماعي للمجتمعات المحلية والمنظمات السياسية والاجتماعية علي مختلف أشكالها في منع الجريمة يمثل أولوية قصوى للمجتمع بهدف خلق مناخ من الاستنكار الاجتماعي يحيط بالجريمة والمجرم، حيث ان من المعتاد أن تسود كل مجتمع بعض (القيم والاتجاهات السلبية) إزاء القانون، ولذلك فمن الأهمية بمكان خلق الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تسمح بتعديل هذه القيم والاتجاهات بحيث يسود المجتمع استنكار عام للجريمة بكل أشكالها وصورها. كما يجب أن تشترك أجهزة الدولة التنفيذية المسؤولة عن مكافحة الجريمة، وبخاصة الشرطة، في رسم السياسة الجنائية العامة الأساسية والتي تضعها أعلى سلطه تشريعية في الدولة. وبنفس الوقت لابد من الأخذ في الاعتبار الآثار السلبية التي صاحبت التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي طرأ على العديد من المجتمعات العربية وافرز ذلك التطور بعض الاضطرابات الاجتماعية، مثل التفكك الأسري والتشرد وانتشار المخدرات وغيرها، التي قد تؤدي الي تحوّل غير مسبوق في اتجاهات الجريمة وأنماطها ومعدلاتها، مما يؤكد ضرورة البحث عن بديل للتنظيم الأمني التقليدي القائم ويستلزم إعادة صياغة (مفهوم المشاركة الشعبية) في عملية تحقيق الأمن من خلال تأصيل مبدأ أساسي يتبلور في (فكرة الشرطة المجتمعية) في عقول أبناء المجتمع.

الامن الشامل

 تسعى “الشرطة المجتمعية” إلى تكريس نظرية الأمن الشامل في فكرته ومسؤولياته، بحيث توزع المسؤوليات الأمنية ولا تقتصرها على الأجهزة الأمنية فقط، بل يشارك الجميع في تحمل المسؤولية والحفاظ على المكتسبات الأمنية. وفي ظل ازدياد معدلات ارتكاب الجريمة، اتجهت الدول الغربية نحو تعاون ومشاركة الجمهور للشرطة في إجراءات الوقاية من الجريمة ومكافحتها بهدف حماية المجتمع من الآثار والأخطار الاجتماعية، فظهر في الولايات المتحدة ما يعرف بجماعة مراقبة الحي (Community Watch)،  ونظام مُوَقّفي الجريمة (Crime Stoppers)  كما طبقت السلطات الكندية في منتصف الثمانينات الميلادية ما يعرف بالمنهج التكاملي للوقاية من الجريمة، ولم تتخلف الدول العربية عن هذه النظريات الحديثة فقد “ اتجهت الأفكار نحو تعاون ومشاركة الجمهور للشرطة في إجراءات الوقاية من الجريمة ومكافحتها بهدف حماية المجتمع من الآثار والأخطار الاجتماعية ، وظهر مفهوم الشرطة المجتمعية الذي يركز على المسؤولية المشتركة بين المجتمع المحلي ورجال الشرطة كشركاء في تحديد المشكلات الاجتماعية والجرائم، ومكافحتها وضبطها والوقاية منها”.

 وقد تبنت دول عربية كثيرة (ومنها العراق) مفهوم الشرطة المجتمعية كأحد الأساليب التي تحقق استراتيجيتها الأمنية من خلال التواصل المستمر بين الشرطة والجمهور، وباعتبار أن جهاز الشرطة هو من أكثر الأجهزة الرسمية اتصالاً بالجمهور. وتركز فلسفة “الشرطة المجتمعية” على المسؤولية المشتركة بين المجتمع المحلي ورجال الشرطة كشركاء في تحديد المشكلات الاجتماعية والجرائم، ومكافحتها وضبطها والوقاية منها. كما يمكن أن تُعرف الشرطة المجتمعية بأنّها: المفهوم الحديث للعمل الشرطي التقليدي، الذي يسبق الحدث الأمني ويقوم على المعلومات الدقيقة النابعة من مصادرها الحقيقية في المجتمع المستفيد من خدمات الشرطة والأمن. إذن فهي فلسفة تنظيمية واستراتيجية قوامها انفتاح الشرطة التقليدية على مختلف عناصر المجتمع وتحقيق مشاركة حقيقية بين الشرطة والمجتمع في تحمل المسؤوليات الأمنية بمفهوم شامل وجهد طوعي صادق، ويقوم فعلها على رد الفعل السابق لوقوع الحدث والتحسب له وإشراك الجمهور في الوقاية والتصدي.

مشاركة جديد

وفكرة (الشرطة المجتمعية) هي فلسفة تتيح مشاركة جديدة وفاعلة لأفراد المجتمع للتعرف علي المشكلات الاجتماعية ومعالجتها بالتعاون مع الشرطة من منطلق أن (الأمن مسؤولية الجميع)، فهذه الفلسفة متى ما وجدت آليات علمية وفعالة وصلاحيات واضحة سوف يكون لها عظيم الأثر في الحفاظ علي أمن المجتمع.

الأهداف الرئيسية للشرطة المجتمعية:‏

  تقوم الشرطة المجتمعية على رسالة مفادها أن أمن الأسرة هو الركيزة الأساسية الأولى لأمن المجتمع، وتقوم على رؤية أن تكون الشرطة هي الداعم والمساند والصديق الأمين في كل ما من شأنه تحقيق أمن المجتمع وصيانة أمن جميع أفراده.

وأما الأهداف الرئيسية لإدارة الشرطة المجتمعية فتتلخص في الآتي:

‏1 -‏ تدعيم العمل المجتمعي في جهاز الشرطة من حيث المحتوى والمظهر والغايات.‏

‏2 -‏ تحسين العلاقة بين الشرطة والمجتمع وإحداث نقلة نوعية في علاقة الطرفين ببعضهما البعض.

‏3 -‏ ترجمة وتجسيد الدور الوقائي المجتمعي من الجريمة من خلال إشراك المجتمع في هذه المسؤولية.‏

‏4 -‏ الاسهام في إعادة تأهيل نزلاء المؤسسات العقابية المفرج عنهم، واستخدام أسلوب التوجيه والإصلاح وتجاوز النظرة العقابية الانتقامية.

‏5 -‏ القضاء على مسببات تخوف الجمهور من التعامل والتعاون مع رجل ‏الشرطة من خلال كسر الحاجز النفسي لدى المواطنين.‏

‏6 -‏احتواء المشكلات الأسرية والاجتماعية قبل استفحالها، من خلال إيجاد حلول موضوعية وعملية لها في مراحلها الأولى وقبل أن تتفاقم، والعمل على حل المشكلات الفردية والصراعات والخلافات الأسرية بأساليب الوفاق ‏الاجتماعي والتراضي.‏

‏7 -‏ استحداث وتطوير آليات تكوين أصدقاء الشرطة والعمل التطوعي في المجال ‏الأمني كإحدى وسائل تمكين علاقة الشرطة بالمجتمع.‏

‏8 -‏ تثبيت القيم الايجابية في المجتمع ومحاربة العادات الضارة من خلال التوعية والتثقيف ودعم المبادرات المجتمعية.‏

‏9 – الأخذ بأسلوب الاندماج الاجتماعي من خلال تطبيق فعلي لبرامج الرعاية ‏اللاحقة للمفرج عنهم، واشراك المجتمع في اصلاح المذنبين.‏

‏10 - تفعيل دور الأسرة في الوقاية من الجريمة والانحراف وتقديم الدعم النفسي ‏والاجتماعي للأسر المفككة وتمكينهم من رعاية أبنائهم.‏

‏11 - تقديم الدعم المعنوي (النفسي والاجتماعي) لضحايا العنف والجريمة.‏

إختصاصات قسم الشرطة المجتمعية:

تتلخص اختصاصات القسم فيما يلي:

-   تلقي المعلومات والبيانات الواردة من أفراد الجمهور ونزلاء المؤسسات العقابية ومراكز رعاية الأحداث والمسنين والجهات الحكومية وغير الحكومية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها.

-   تنمية وتعميق مفاهيم الشرطة المجتمعية لدى العاملين بجهاز الشرطة وأفراد المجتمع المدني.

-   خلق علاقات تبادلية مع أفراد المجتمع والجاليات الأجنبية المؤثرة في اتجاهات الأفراد وأنماط سلوكهم لتحسين مستوى الحس الأمني والالتزام الطوعي وتعريفهم بخدمات الشرطة.

-   إخراج وتنظيم عمل الدوريات المجتمعية والإشراف عليها.

-استخدام وتطوير آليات تكوين أصدقاء الشرطة والعمل التطوعي في جهاز الشرطة، والمشاركة في الأنشطة والفعاليات الاجتماعية ضمن منطقة الاختصاص.

-   إعداد وتنفيذ البرامج والأنشطة الخاصة بالوقاية من الجريمة بما يتناسب مع الظروف السكانية والبيئية لكل منطقة.

-   القيام باستطلاعات للرأي العام من حين لآخر لقياس مستوى الأداء الأمني وردود الفعل، وقياس رضا الجمهور عن الشرطة والموقف الأمني بالتنسيق مع مركز البحوث والدراسات الأمنية.

-   تقديم المساعدة والمشورة حول حماية حقوق الإنسان، ورفع التقارير اللازمة عن التجاوزات والانتهاكات في استخدام السلطة ضد الأشخاص المتعاملين مع جهاز الشرطة.

تقديم المقترحات والتوصيات الكفيلة بتطوير مهارات العاملين بجهاز الشرطة في مجال التعامل مع الجمهور واحترام حقوق الإنسان.

-تعميق أوجه التفاعل بين الشرطة والمجتمع من خلال استقطاب الجهود التطوعية للمؤسسات والأفراد في مجالات الوقاية من الجريمة.

مراكز الدعم الاجتماعي وتطبيقاتها العربية. برزت فكرة إنشاء مراكز الدعم الاجتماعي في بعض الدول العربية (ومنها دولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية والمغرب) من خلال صياغة الاستراتيجية العامة للشرطة التي تضمنت بعض الأهداف المرتبطة بمفاهيم الشرطة المجتمعية، وتعتبر هذه المراكز خطوة أولى لتأسيس (إدارة الشرطة المجتمعية)، وبعض الدول دمجتها مع (إدارة شرطة الأحداث)، وإن كنا نؤيد استقلاليتها عن شرطة الأحداث مع وجوب التنسيق الدائم بين الإدارتين وبالأخص فيما يتصل بقضايا الأحداث، لأنها مترابطة مع تخصصات مركز شرطة الدعم المجتمعي.

لواء شرطة سابق ومستشار أمني وقانوني

 


مشاهدات 78
الكاتب أكرم عبدالرزاق المشهداني
أضيف 2025/02/22 - 12:25 AM
آخر تحديث 2025/02/22 - 3:54 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 398 الشهر 12034 الكلي 10407405
الوقت الآن
السبت 2025/2/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير