خرق دستوري وإبتزاز سياسي

ميادة النجار

لا تزال الحكومة الاتحادية في بغداد تمارس سياسة التعطيل المتعمد والمجحف بحق مئات آلاف العوائل في إقليم كوردستان، من خلال الامتناع عن إرسال حصة الإقليم من رواتب موظفيه، رغم أن هذا الحق مكفول بموجب الدستور العراقي النافذ، وبالاتفاقات السياسية والقوانين المالية المصادق عليها من قبل مجلس النواب العراقي. إن ما يجري اليوم من تجويعٍ جماعيٍ لمواطني الإقليم هو سلوكٌ سياسيٌ خطيرٌ يرتقي إلى مستوى العقوبة الجماعية، وانتهاك صريح للمادة (14) من الدستور التي نصت على أن “العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب القومية أو الدين أو المذهب أو الرأي أو الانتماء”. فهل يُعقل أن يُحرم موظفو إقليم كوردستان من حقهم المشروع في الرواتب، فيما يتقاضى نظراؤهم في المحافظات الأخرى مستحقاتهم بانتظام؟

لقد تحوّلت الرواتب إلى أداة ابتزاز سياسي بيد أطراف متنفذة في بغداد، تُمعن في معاقبة الإقليم لأسباب لا تمت للمصلحة الوطنية بصلة. والمؤسف أن هذه التصرفات تجري تحت غطاء بعض المؤسسات الدستورية والقضائية التي يفترض أن تكون حاميةً لحقوق المواطنين، لا أداةً في يد القوى السياسية المتصارعة. إن المحكمة الاتحادية، التي تدعي حماية الدستور، كانت شريكًا في هذه السياسة غير الإنسانية من خلال إصدار قرارات انتقائية مسيّسة ضد مصالح الإقليم وأهله، متجاوزةً روح النصوص الدستورية وواقع التوافقات السياسية التي تشكّل بموجبها العراق الاتحادي.

مستحقات مالية

نذكر الحكومة الاتحادية وأطرافها بأن المادة (117) من الدستور اعترفت بإقليم كوردستان وسلطاته، والمادة (121) منحت حكومته صلاحية إدارة شؤونه، بما في ذلك تنظيم موارده المالية. وإن حجب المستحقات المالية عن موظفي الإقليم يشكّل مخالفة صريحة للمادة (105) التي أوجبت تحقيق العدالة في توزيع الثروات والإيرادات العامة.

إننا، في إقليم كوردستان، لن نصمت أمام هذه الممارسات الظالمة، وسنواجهها بكل الوسائل الدستورية والقانونية والإعلامية. ولن يكون مقبولًا بعد اليوم أن تبقى لقمة عيش المواطنين رهينة نزوات سياسية وحسابات انتخابية رخيصة.

على الحكومة الاتحادية أن تدرك أن التمادي في هذه السياسة سيعمق الشرخ الوطني، ويدفع باتجاه مزيد من التأزم والاحتقان، وربما عواقب وخيمة تهدد وحدة البلاد الهشّة أصلًا.

ختامًا، نطالب:

•بإرسال رواتب موظفي إقليم كوردستان فورًا دون قيد أو شرط.

•بتحقيق مبدأ المساواة بين العراقيين في الحقوق والواجبات.

•وبمراجعة جميع القرارات والإجراءات الجائرة التي اتخذت بحق الإقليم وأهله.

وسيظل صوتنا عاليًا ضد الظلم والتمييز، دفاعًا عن كرامة المواطن وحقوقه المشروعة.