مسؤولية الحكومات العراقية في التعامل مع القرار التنفيذي رقم 13303 وتهديدات الدكتاتور الجديد
رشيد العجيل
منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في إعادة هيكلة النظام السياسي والاقتصادي العراقي وبرز القرار التنفيذي رقم 13303 كإحدى الأدوات القانونية التي أثرت بشكل مباشر على سيادة العراق المالية. حيث أصدر الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن هذا القرار في 22 مايو 2003 بحجة حماية الأصول العراقية وخاصة عائدات النفط من أي مطالبات قضائية أو مالية. رغم أن القرار وفر للعراق حماية مؤقتة إلا أنه جعل الاقتصاد العراقي رهينة للسياسات الأمريكية مما خلق مشكلات مستمرة تتعلق بالاستقلال المالي والاقتصادي.
أولاً: مضمون القرار التنفيذي 13303
ينص القرار على منح حصانة قانونية للأصول العراقية خاصة العائدات النفطية ضد أي دعاوى قضائية قد ترفعها أطراف دولية أو أفراد ضد العراق. كما منح شركات أمريكية خاصة العاملة في النفط وإعادة الإعمار حماية قانونية من الملاحقة فيما يتعلق بأنشطتها داخل العراق.
ثانياً: تأثير القرار على العراق
1. تجميد الديون والمطالبات الدولية قبل 2003
•قبل الغزو كان العراق يرزح تحت ديون خارجية ضخمة تقدر بحوالي 120 مليار دولار معظمها مستحق لدول أجنبية ومؤسسات مالية.
•القرار حال دون قيام الدائنين بالمطالبة بتسديد هذه الديون أو رفع قضايا لاستردادها مما وفر للعراق مساحة مالية محدودة لكنه أيضاً أبقى هذه الديون عالقة دون حلول جذرية.
2. التبعية الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة
مثّل القرار التنفيذي أداة قانونية منحت الولايات المتحدة سيطرة غير مباشرة على الاقتصاد العراقي عبر توفير حصانة للأصول العراقية من أي مطالبات قانونية أو ديون سابقة. في الوقت الذي كان يفترض بوزارة الخارجية في الحكومات العراقية المتعاقبة التحرك دبلوماسياً لحل هذه المسألة فإنها أهملت القضية ما أدى إلى استمرار التبعية الاقتصادية لواشنطن حتى اليوم. ومع اقتراب إلغاء او تجديد هذا القرار تواجه بغداد أخطار مالية وقضائية خطيرة كان بالإمكان تفاديها لو تصرفت الحكومات العراقية بمسؤولية في وقت مبكر. في عام 2004 أجرى العراق اتفاقاً جزئياً مع نادي باريس حيث تم بموجبه إلغاء جزء من ديونه لكن لم تكن هناك استراتيجية متكاملة لإنهاء هذا الملف بالكامل ما جعل القضية معلقة حتى اليوم.
ومع غياب التحرك القانوني لم يتم اللجوء إلى المنظمات الدولية أو المحاكم الاقتصادية العالمية لوضع إطار قانوني دائم يحمي العراق من الملاحقات المالية مستقبلاً.
## المخاطر المحتملة بعد إلغاء القرار
1. فتح ملفات الديون القديمة والمطالبات القضائية.
إلغاء القرار سيعني أن العراق لن يكون محمياً من الدعاوى القضائية مما قد يؤدي إلى تجميد أصوله في الخارج لصالح دائنين أو أطراف أخرى والحكومات العراقية لم تضع أي خطط واضحة.
2. تراجع الاستثمارات الأجنبية.
مع زوال الحماية القانونية التي وفرها القرار للشركات الأمريكية فقد تتراجع الاستثمارات في العراق خاصة في قطاع النفط ما قد يؤدي إلى تأخير المشاريع التنموية وتراجع الإنتاج النفطي وهو أمر لم تستعد له الحكومات العراقية عبر البحث عن بدائل قوية.
3. ضعف موقف العراق التفاوضي.
بدل أن تتفاوض الحكومات العراقية المتعاقبة على إلغاء القرار بشروط تحمي مصالح العراق تم التعامل مع القضية بضعف دبلوماسي ما يجعل العراق عرضة للضغوط الخارجية عند الإلغاء أو التجديد خصوصا" الان مع وصول تاجر واشنطن ورجل الصفقات الى رأس هرم القيادة في البيت الأبيض.
## الحلول الممكنة لتجنب الأزمة لتجاوز هذه المخاطر يجب:
1. **إعادة التفاوض مع الدائنين قبل رفع الحصانة لتخفيض أو جدولة الديون.
2. **إبرام اتفاقيات دولية لحماية الأصول العراقية من الحجز أو التجميد.
3. **تنويع الشراكات الاقتصادية مع الصين، روسيا، وأوروبا للحد من التأثير الأمريكي.
4. **إنشاء صندوق سيادي لحماية العائدات النفطية والاستفادة منها داخلياً بدلاً من إبقائها عرضة للمطالبات الخارجية.
من الأمثلة على فشل التعامل في ملف التعويضات التعسفية كان تأثّير النزاع بين الخطوط الجوية الكويتية والعراقية إلى جانب قرار 13303 على عمليات الخطوط العراقية عالميا" حيث واجهت قيودا" قانونية ومالية وتعرضت بعض أصولها لخطر الحجز مما أعاق توسعها في الأسواق الدولية خاصة في أوروبا وفرض عليها قيود تشغيلية حدّت من منافستها عالميا".