تعليم البنات سبيل لتحقيق الريادة في المجتمعات المسلمة
محمد علي الحسيني
تعرضت المرأة عبر مختلف العصور إلى الاضطهاد والعنف، بل والتهميش والعنصرية، إلى أن جاء الإسلام الذي لم يرفع الظلم عنها فحسب، بل أنصفها وجعل لها مكانة مميزة، وما تعانيه المرأة في بعض المجتمعات المسلمة من تجاوزات هي في الحقيقة بسبب النظرة الضيقة لها نتيجة العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، لذلك جاء المؤتمر الدولي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة بين التحديات والفرص المنعقد في الحادي عشر والثاني عشر يناير بالمشاركة بين رئاسة مجلس الوزراء بالجمهورية الباكستانية ورابطة العالم الإسلامي والذي شاركنا فيه، للتأكيد على أهمية تعليم المرأة وفقا لرؤية إسلامية شاملة، أساسها العدالة التعليمية للفتيات لتعزيز صورة الإسلام وقيمه ومبادئة القائمة على المساواة التي رسخها القرآن الكريم في قول الله تعالى:"وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" سورة البقرة آية 228، وفي قول رسول الرحمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار:" إنما النساء شقائق الرجال" رواه أحمد و أبو داود.
أهمية المؤتمر الدولي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة
في زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، يتطلب ذلك منا تشجيع الأجيال رجالا ونساء على التعليم دون وضع قيود بين جنس وآخر، فالإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في طلب العلم حتى قال رسولنا الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار" العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة"، فما بالنا في عصرنا هذا الذي يشهد ثورة علمية وتكنولوجية ضخمة تتطلب مسايرتها ومواكبتها، بل علينا أن نعي أن المرأة نصف المجتمع بل جوهره، فهي مربية الأجيال، ويجب تهيئتها وتربيتها وتنشئتها وفقا للظروف الراهنة لتؤدي مهامها ووظيفتها على أكمل وجه، لذلك شجع الإسلام
المرأة على التعليم ولم يقف ضد طموحاتها ورغبتها في النجاح، والحصول على أعلى الدرجات العلمية، لأن ذلك لاشك سيعود بالخير والنفع على الناس في كل المجالات، وإذا ما عدنا فقط إلى صدر الإسلام نجد أن هناك الكثير من النساء اشتهرن بالعلم، فكان منهن المفسرات والفقيهات وراويات الشعر والأخبار والعالمات بالأنساب، والممرضات والمحاربات، بل كان لهن دور في نقل الأحكام الشرعية عن طريق الإسناد، خصوصا تلك التي تتعلق بأحكام النساء.
اهتمام رابطة العالم الإسلامي بالمرأة وتنشئتها وفقا لظروف العصر
ركزت رابطة العالم الإسلامي في مؤتمراتها المختلفة على الاهتمام بالمرأة في كل وقت وعصر، بالنظر إلى دورها البارز، بل وجعلت لها أهمية خاصة في وثيقة مكة المكرمة التي رسخت في بنودها ضرورة تمكين مشروع المرأة ورفض تهميش دورها وضرورة تعليمها الذي يضمن وجودها وفعاليتها باعتبارها ركيزة المجتمع ونواته الأولى، وصدق الشاعر حافظ إبراهيم في قصيدة العلم والأخلاق :"الأمُ مدرسةٌ إذا أعددتها… أعدت شعباً طيب"، فتعليم البنات يبني صروح مجد المجتمعات ويضمن مستقبلها الرائد، فعلينا تشجيعهن كما قال المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأخيار"اطلبوا العلم ولو في الصين".
إن المرأة بات لها دور كبير وفاعل حتى على منصات التفاعل الاجتماعي لما لها من تأثير، فإن أحسنا إعدادها فسيكون تأثيرها إيجابيا والعكس بالعكس، لذلك فإن من المهم وضع رؤية إسلامية شاملة لتعليم الفتيات وفقا للضوابط الإسلامية للمحافظة على القيم والمبادئ.
ونختم بالقول بأن المؤتمر كان غنيا بمواضيعه المهمة والتي تعالج تحديات تعليم المرأة ومختلف المعوقات والحلول، كما سلط الضوء على دورالإعلام في لعب دور بناء ومثمر في نشر الوعي وتحقيق العدالة التعليمية للفتيات وتداعيتها على الأسرة والمجتمع، ناهيك عن دور المراة في صناعة السلام في زمن العنف والحروب.