قصة قصيرة
القرار الصعب
رسالة الحسن
كان يوما متعبا بالنسبه له، عمل من الصباح إلى المساء وعقود تجارية ولقاءات عمل أنهكته مما أضطره للبحث عن مكان هادئ يتناول فيه وجبه غداء تسد جوعه ولكنه هذه المرة قرر عدم الذهاب إلى المطعم الذي أعتاد ارتياده مع اصدقاءه دائما بل قرر الأبتعاد عن صخب المدينه ووجود المعارف والأصدقاء في نفس المكان، أراد مكانا لايعرفه فيه أحد، طلبا للهدوء وفعلا وجد في طريقه مطعم اطلالته جميلة ويبدو عليه الهدوء وكذلك كان جميلاً وأستخدم مالكه فنان ذو ذوق رفيع في تنظيم ديكور المطعم هذا ما قاله في نفسه عند دخوله وفعلا طلب طاولة،و لأنه لم يحجز من قبل سأله النادل هل تنتظر قدوم أحد فرد لا، وهنا تبادر للنادل بان الشاب غريب عن البلاد ، فقال له ولكن يا سيدي نحن نظامنا هنا الحجز وسنلبي طلبك الآن لكونك أرتدت مطعمنا لأول مرةولكن أرجو ان تسمح لنا بجلوس أحد الزبائن إلى طاولتك أن أضطررنا فأرجو أن لايسئك الأمر وقف الشاب حائرا أمام أسلوب النادل المهذب والراقي فوافق بدون تفكير... وجلس في ركن بعيد وطلب قائمة الطعام وأعجبته الأصناف التي يتم تقديمها لديهم كذلك الذوق في تقديم الخدمات وفجاءة وبينما هو جالس يتناول وجبته بدأ مرتادوا المطعم بالتوافد مجموعه تلو الأخرى ولكن مازال المكان كبيرا ويسع الجميع فقرر تناول قهوته بعد الطعام وأحضر له النادل كوبا من القهوة وأنحنى ليطلب منه في صوت منخفض السماح لأحد الزبائن بالجلوس معه لعدم وجود مقاعد كافيه وهذا ماكان أتفق عليه منذ البداية فوافق على مضض، وبينما هو يرتشف قهوته فإذا بصوت جميل وناعم يعطر آذانه مساء الخير، كلمة أعتاد سماعها من الجميع إلا أنها مختلفة هذه المره فقد سمعها ورد عليها قلبه قبل ان يرد لسانه ،فرفع عينيه فإذا بملاك نزل من السماء ليشاركه طاولته تراقص قلبه فرحا لم يدرك ما يفعل ليخفي فرحته بها وهل رد التحيه إم لا ..كان كالمغيب عن الوعي لا يعرف ما حدث له ويتسأل في سريرته هل هو يحلم إم هو في عالم الخيال أو يا ترى هذا واقع يراه أمامه تدارك نفسه أمام أناقة وجمال هذه الأنثى التي هزت كيانه وبعثرته..
أستمر بالنظر إليها كمراهق يعشق بطلة أفلام السينما.. او ربما كطفل صغير يرى عالم الملاهي لأول مرة في حياته، أنبهر بأناقة كلامها ورقي أسلوبها في التعامل مع نادل المطعم لم تطلب شيئا من النادل بل أكتفت بخلع نظارتها الواقيه لأشعة الشمس بكل أناقه لتضعها على الطاوله بالقرب من حقيبتها وأخرجت قلم الحبر خاصتها وبدأت تدون كلمات في مفكرتها التي كانت تحملها بيدها، بدأ من شدة إنبهاره بما يرى أمامه يدقق في أدق التفاصيل قلمها نوع باركر، حقيبتها ونظارتها من ماركه شانيل كم هي راقية هذا يدل على أنها ليست امرأة عادية، لهجتها تدل على أنها شامية، ولكن لم تتكلم سوى كلمتين أو أكثر بل فقط ألقت التحيه فكيف لي أن أعرف بلدها هذا ما قاله الشاب في نفسه حتى أنها لم تطلب شيئا ولم يسألها النادل عن طلبها غريب هذا الشيء هل يا ترى تنتظر أحدا ليتناولا الطعام معا ربما زوجها أو خطيبها هنا تدارك نفسه ونظر إلى أصابعها الحمدلله لا يوجد خاتم زواج، ربما يكون خطيبها من تنتظره لا لا.. مستحيل أن يحدث هذا ما بي هل جننت وبينما هو كذلك بين سؤال لنفسه وجواب وإذا بالنادل يجلب فنجان قهوى لها ويضعه أمامها، وأحس بأن موقفه أصبح محرجا لذا طلب فنجانا آخر له حتى لا يضطر لترك الطاولة، هي رفعت فنجان القهوة قربته من شفتيها الورديتان أرتشفت قليلاُ وإعادته إلى الصحن بطريقة جميلة جداً وكأنما ترسم لوحة جميلة أستمرت أناملها بالكتابة
يا ترى ما تكتب ولما أشغل نفسي بهذا السؤال كل ما أريده أن أبقى جالس أمامها طول العمر هذا ما تبادر إلى ذهنه هذه الساعه..
رفعت عينيها عن مفكرتها وإعادة القلم إلى الحقيبة وأخذت النظارة لتعيدها فوق خصلات شعرها الأسود الداكن كسواد الليل وإذا به ينظر إلى عينيها العسليتن وكأنما قوة خفيه تسحب روحه من جسده تسارعت دقات قلبه أرتبك من تلك النظرة التي إلهبت قلبه وجسده ناراً لا تنطفىء،فنظرت إليه مبتسمة ومودعة في نفس الوقت خرجت وهو مازال مذهولاً جالساً في مكانه لا يعرف مايصنع. ها هي تصل لنهاية الممر المؤدي إلى باب الخروج لما أنشلت قدماه عن الحركة ماأصابه أنها ملك له ،هي لن تكون لاحداً غيره هذه هي زوجتي وأم أطفالي هذا ما قاله في نفسه، فإذا بالنادل يقترب لياخذ كوب القهوة الفارغ خاصتها، وهنا سأله الشاب من هي فابتسم النادل قائلا أنها الملكه نها هكذا نطلق عليها هذا الاسم في المطعم فهي تتحلى بأخلاق الملكات إنسانه في قمة الروعه والأدب خلوقة جدا فسأله الشاب أريد ان أعرف كل شيء عنها، فقال له النادل لا يحق لنا الكلام مع الزبائن أثناء العمل ولكن أن أردت فانتظرني بعد ساعه ينتهي موعد عملي...وفعلا كانت أصعب ساعه تمر عليه بقي منتظراً أنتهاء عمل النادل في سيارته ،وعندما شاهد النادل يخرج من المطعم نادى عليه وجلسا ليتبادلا أطراف الحديث فبادره النادل ماذا تريد
منها أنها أنسانة محترمة ولا تسمح لأحد بالاقتراب منها ،قال له الشاب أنا قصدي الزواج وأريد مساعدتك لي باعطائي معلومات عنها هنا تدارك النادل نفسه وقال له عفوا سيدي لا أستطيع خدمتك بشيء سوى أنها تأتي يوميا في هذا الوقت وتجلس في نفس المقعد.. هنا شكره الشاب وحاول أعطاءه مبلغ من المال إلا أنه رفض ذلك بشدة.. لم يستطع الشاب ليلتها الرجوع إلى المنزل إلا في وقت متأخر من الليل فقد أستمر بقيادة سيارته دون أن يقصد مكان معين فوجد نفسه أمام البحر مباشرة قضى ساعات ينظر إلى أمواجه المتلاطمة بصخوره بقوة.. دون ملل وخيال طيفها لايفارق تفكيره لحظة إلا عندما سمع رنات هاتفه النقال وإذا بوالدته تحاول الأطمئنان عليه فهو لم يتصل بها اليوم وقد أعتاد الأتصال بها في اليوم عدة مرات، لتعلقها بها كثيرا كونه الأبن الوحيد لها والوريث الوحيد للعائلة الكبيرة، فرد عليها وفكره شارد في عالم آخر أسمها الملكه نها من ملكت قلبه وأحساسه،وعاد الى المنزل ولم يتمكن من النوم سوى دقائق قليلة ليجدها مسيطرة على أحلامه ويقظته، وجاء يوم الغد وكأنه عيد ميلاده أو يوم تخرجه تراه كالطفل الذي ينتظر بزوغ صباح العيد هكذا كان شعوره جاء مبكراً إلى المطعم لم يذهب يومها إلى عمله كونه صاحب أكبر فرع في لبنان لشركته التي مقرها إحدى دول الخليج، ومضت الساعات طويلة عليه واللهفة والشوق تكاد تقتله ، وعيناه على ممر الدخول للزبائن وها هي تخطوا خطواتها نحوه كأنها مهرة أصيلة تسير بأناقة وجمال.. ألقت التحية بهدوء وبصوت فيروزي جميل اجمل صباح الخير سمعها في حياته سحبت مقعدها وجلست أمامه وهذه المرة قرر أن يكلمها ويحسم أمره ويوقف هذا العذاب، قال لها أسمحي لي بدقيقة من وقتك فرفعت رأسها وعلى شفاهها ترتسم أجمل أبتسامه، تفضل أخي هنا تشجع على الكلام فقال لها هل أنت متزوجة أو مرتبطة قالها وهو يتلعثم بالكلام بعكس طبيعته وكأنه لأول مرة يلتقي بفتاة وهو من جاب الأرض من شمالها إلى جنوبها ،وعرف نصف نساء الكون ، فأجابته لا لما... ففرح كثيراً وقال لها أتقبلين بي زوج لك ،هنا تفاجأت منه ومن طريقة كلامه معها فقالت له هل أنت تمزح فأجابها لا أنا صادق فظنت أنه ثري خليجي أعجبته فتاة فأراد أن ينالها بطريقه الزواج الشرعي إلا أنها عندما نظرت إلى عينيه وجدت الصدق فيهما، ولم تنطق بكلمة
فبادرها بالقول انا أدعى خالد من السعودية عمري خمس وثلاثون سنه متزوج من إبنة عمي ليس زواجاً عن حب وإنما زواجا تقليديا وحتى لا يخرج الميراث خارج العائله فهي الابنه الوحيده لعمي كما أنا الأبن الوحيد لأبي لذا فزواجنا حتمي لا مفر منه، لدي خمسه أبناء منها ذكور، لم أعش معها أي نوع من المشاعر بالرغم من مضي أكثر من عشر سنوات على زواجنا وكأنما علاقتي معها تأديه واجب ويجب أن ألتزم به هكذا كانت علاقتي معها ومازالت، أمي متسلطةوصاحبة قرار وكل شيء عندها مباح إلا زواجي بثانيه غير ابنة عمي،
فكانت كلما رأتني أتذمر وأريد أن أرتبط بأحداهن أعجبتني تقوم بالحجز لي مع أصدقائي على نفقتها الخاصة إلى إحدى الدول الغربية للترفيه ولا إخفيك سراً بأن ما يحدث في تلك الرحلات من أقامة علاقات مع بنات الليل والملاهي والبارات، فهي ليس مهم لديها أن أقيم الف علاقة غير شرعية ، المهم لديها أن لا أتزوج بغير أبنة عمي... هكذا كان تفكير الوالدة وكنت في كل مرة أرجع إنسان آخر وقررت أن اتجه للعمل فقط ، شركتي من أنجح وأكبر الشركات في الخليج وفتحت فرع هنا في لبنان، يوم أمس التقيت بك صدفة ودخلتي قلبي وقررت أنك من أبحث عنها طوال حياتي .... شعرت بصدق مشاعره وبعدها تكررت اللقاءات بينهم وتوطدت العلاقة أصبحا لايفارق أحدهما الآخر فقررا ضرب التقاليد عرض الحائط والزواج،وقرار الزواج ليس سهلا بالنسبة لهما فهو من عائلة كبيرة وممنوع عليه بل محرم الزواج بأخرى والسماح له باللهو وإقامة العلاقات اللاشرعية مع من يشاء ومن أي بلدان العالم ولكن لا يجوز له الزواج بأخرى فهذا يضر بالتقاليد... أما هي فمن عائلة قبلية كبيرة ولا يجوز بأعرافهم للفتاة ان تتزوج من غير قبيلة ولكن يجوز أن تبقى بدون زواج طوال حياتها وإن تجول البلاد وتأخذ أعلى المراتب العلمية ولكن لا يجوز لها أختيار شريك حياتها من خارج قبيلتها وألا أعتبرت أثمة ووجب أقامة الحد عليها.. أي تقاليد باليه تلك التي تحكم بهكذا أحكام قاسية، فقررا أن يتزوجا مهما كانت النتيجةوفعلا تزوجا وعاشا أجمل أيام حياتهما ولكن السعادة لا تستمر طويلاً فها هو الخبر يتسرب إلى أهله ونفس فاعل الخير سرب الخبر إلى أهلها، وهنا قامت القيامة أهلها طالبوا خالد بطلاقها وإعادتها إليهم ليعاقبوها بطريقتهم...ووالدته هددته بأن تحرمه من كل شيء وتعلن غضبها عليه إلى يوم الدين أن لم يطلق حبيبته بأسرع وقت ويلغي أعماله في لبنان والعودة إلى بلاده فلديها اليد الطولى في ذلك فما يفعلان، حاول إرسال أناس ذو مكانة اجتماعية معروفة إلى أهل حبيبته ليباركوا زواجهما إلا أنهم رفضوا ذلك وأصروا على
أن يقوم بطلاقها فما يفعل وأصبحوا مهددين من كل جهة وهنا تبادرت لهم فكرة أن يتركوا كل شيء حولهم ويهربوا إلى مكان مجهول لا يعرفهم فيه أحد وأين هذا المكان..؟ الذي لا تصلهم فيه أيدي أهلهم... فقاموا بدخول إحدى الدول الاوربيه بوثائق مزوره وكان لديهم أصدقاء مشتركين هناك أستاجروا شقة باسم أحد أصحابهم حتى لا يتم كشف مكان تواجدهم، وعاشوا حياتهم بعيداً عن وطنهم وأصدقائهم وتركوا عملهم واصبحوا يحيوا حياة اللاجئين بسبب ظلم التقاليد البالية... ومضت خمسه أعوام على الغربه وذات يوم قرأ في إحدى الصحف نعي والدته فقرر العودة مهما كلفه الثمن لزيارة قبر والدته حذرته نها كثيراً لكنه لم يستجب لتحذيراتها أقسمت عليه بطفلهما الذي لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات وأنه بحاجه له ولكن كل التحذيرات لم تنفع فقرر العوده إلى بلده ولكنه خوفا عليها قرر أن لا ترافقه في سفره خوفا على حياتها إلا أنها صممت على العوده معه،ألا أنه وخوفا من أن يحدث لها ولأبنه شيء قرر أن يخفيها عند أحد الأصدقاء حرصاً على حياتهما وإن يذهب لوحده لأهله في بادئ الأمر ويرسل بطلبها أن أطمئن بعدم وجود خوف على حياتها وحياة ولده .. فذهب ومر اليوم ..والثلاثه... والعشرين يوما،ولم يتصل بها أبداً فأثار ذلك قلقها وقررت أن تذهب لأهل زوجها لمعرفة ما حدث له إلا أن أصدقائهم منعوها من فعل ذلك لما به من خطر على حياتها وحياة طفلها ووعدوها بأنهم سيجلبون الأخبار لها مهما كلف الأمر.. وعند التقصي تبين بأنه عند حضوره إلى المنزل تشاجر مع عمه وزوجته وتعالت الأصوات حسب شهادة الخدم ولم يعرفوا ما حدث له بعدها صديقه الذي أوصله وبقى بانتظاره إلى وقت متأخر من الليل وكان يتصل به ولا يرد أكد بأنه لم يخرج من منزله بعد دخوله له.. فأين ذهب سؤال يثير الشكوك.. وعندما تم الاستفسار عن أبنة عمه تأكد بأنها تعاني من حاله نفسية وموجودة في إحدى المستشفيات للعلاج.. وهنا بدأ القلق والشك يصيب قلب نها على خالد لذا قررت أن تقوم بخطوة خطيرةولها مردود سلبي على مصيرها أن لم تنجح بها.. لقد قررت الذهاب إلى المستشفى وزيارة ضرتها وسؤالها عن مصيرحبيبها وزوجها خالد حتى لو كلف ذلك حياتها،وفعلا أرتدت ملابس الممرضات بعد الاتفاق مع إحدى العاملات في المستشفى ودخلت غرفتها وبدأت تتحدث معها وماهي إلا ثواني وخرجت نها وهي في اللاشعور والدهشة والخوف والفزع في عينيها نعم ولما لا وقد كانت ضرتها تعاني من أنهيار عصبي شديد وتتكلم بدون شعور عن قصة قتل والدها لزوجها خالد... الله يرحمه نعم لقد قتل خالد وضاعت نها وابنها فلاقيمه لحياتها بعد فقدانها حبيبها وزوجها وأبو ابنها..
هذه هي الحياة تأخذ أكثر مماتعطي والتقاليد البالية قد تكون أحيانا سببا في فقدان حياة أناس كل ذنبهم أنهم رفضوا الخضوع لهكذا قوانين مجحفة... أن قصة خالد ونها تمثل قصص آلاف الشباب ممن وقفت التقاليد في وجه حبهم وأرتباطهم..