فكرةٌ تركلُ فكرةً
علي السوداني
كان الغصنُ متيناً
ورقة وحيدة ظلت ترفرف فوق ظهره
بدا أنها نجت من أنين الشتاء
كنت أُراقب المشهد عن شرفة ساكتة
ثمة قطٌّ كبيرٌ يلطع قدميه
أراهُ ولا يراني
خشخشة مريبة ببطن حاوية القمامة
ثلج البارحة المنخور
يتلملم عند حشوة الرصيف
مثلَ أُمٍّ دافئة
يلبد بظهرها جوق طفولة
قلتُ شرفةً مشرّفة
وعموداً كهربياً يتثنى
يشيل على رأسه لمعةً
كأنها عين شمس
الأمر لا يصب بعب اللص
ما زال القط يدهن جسمه بلسانه الطويل
غريبٌ أنت يا صاحبي
و …
“ كلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ “
قال قلْ
قلتُ أخشى أن تنفضَّ من حولي
وتخلفني منهشة ظنون
قال ارفع صوت المذياع
قلتُ جارتي تتسمّع دبيب النمل
شيء عجيبٌ يخرمش الذاكرة
لم يعد العمود وحيداً في التثنّي
الزقاق كله في مرج الهزِّ والرزِّ
قرميد الدار المسكونة بالجن
حاوية الزبل رزق الفقراء
وجاري العجوز القوي
يركب عكازاً فخماً
ويطير صوب أذان الفجر