فاتح عبد السلام
هناك تسريبات عديدة حول مساعي الجانب الحكومي العراقي عقد لقاء مع الرئيس الأمريكي ترامب او تحقيق زيارة دولة عالية المستوى لواشنطن، انطلاقا من الحاجة المرحلية الملحة الى هذه الخطوة من وجهة نظر سياسية لدى الطبقة الحاكمة ببغداد، بالرغم من ان هذا الطلب لو صح فعلاً، لا يمثل اية أولوية أمريكية، وقد يأتي بنتائج عكسية.
مساعي التوسط الداخلي أو الخارجي لعقد لقاء مع ترامب، لها بدائل كثيرة لو كانت الإدارة الامريكية ترى ضرورة لها لمصالح أساسية، والبديل البسيط هو قراءة البعثة الدبلوماسية الامريكية ببغداد للوضع العراقي وعلاقاته الإقليمية والحاجة لزيارة عالية المستوى وما يمكن ان ترفعه للبيت الابيض. لا يوجد في الأفق ما يشير الى انّ الإدارة الامريكية تحتاج الى زيارات رئاسية لحل إشكالية تقلقها في العراق، ذلك ان هناك مطالب أمريكية واضحة حددت الخيط الفاصل بين الوضع العراقي والنظام الإيراني ليس أكثر. في حين انّ الملف الإيراني وحده هو الأكبر و يقع تحت العين الامريكية في هذه الظروف العامة للمنطقة، في مسعى امريكي ودولي لاستثمار التغييرات السياسية والعسكرية بعد تقطيع اوصال المحور الإيراني بحروب لبنان وغزة وسوريا.
الطريق الأجدى، هو ان تتحصل المستويات الأقل رُتبا في الإدارة الامريكية من جهة وزارة الخارجية او البنتاغون او المخابرات المركزية على قناعات جديدة بشأن تحول بنيوي وجوهري في التكوينات السياسية الحاكمة بالعراق بما لا يعوق المصالح الامريكية. ولا أرى انّ إقليم كردستان نفسه في وضع يستطيع ان يكون وسيطاً لبغداد مع واشنطن، ذلك ان الإقليم لا يزال طرفا مشتكياً في وجهة النظر الامريكية بسبب إخفاقات التفاهمات السياسية مع بغداد في مجالات الطاقة والثروة والحكم، بالرغم من خطوة اطلاق نفط الاقليم للتصدير نحو تركيا مؤخرا بعد سنتين من العطل.
كثير من إشكالات السياسة الدولية يجري حلها عبر رسائل ذات دلالات ملموسة وصادقة، وفي العراق اطلق مسؤول رسمي انّ هناك “عراقين” ، الأول عراق رسمي والثاني عراق المقاومة، هذه الرسائل المشبعة بالجهل والسير عكس عقارب الساعة، هي اكبر عائق أمام أي اصلاح، وانّ رئيساً مثل ترامب قال قبل ايام مازحاً ،جاداً لرئيس وزراء بريطانيا كي ستارمر أمام العدسات: هل يمكنكم مواجهة روسيا وحدكم؟، انما هو قادر على يسأل أي ممثل للعراق ان كان بلده عراقَين أو ثلاثة أو خمسة، وعندها سنتوقع الإجابة الترامبية في العظم ، بالرغم من انّ العراق بوضعه المنقسم على «عراقين” ليست لديه فرصة الوصول الى ترامب مطلقاً.