فاتح عبد السلام
اذا سرنا وراء المعطيات التي رشحت من خطاب التنصيب للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب في انّ أمريكا ستعمل على انهاء الحروب ولا تبادر الى اشعالها أو الاشتراك فيها، وإذا توقفنا عند ركيزة “عقلية التاجر” المتمركزة في رأسه، بوصفه عاش عمره كله لا يعرف طريقا الى المجد والسلطة سوى الثروة، ولعلها هي التي أوصلته الى كرسي الرئاسة مرتين وأنقذته من تربص محكم من خصومه الأقوياء. فإنّنا عند ذاك يمكن أن نتلمس المسارات التي نرجح ان يتيحها ترامب للتعامل مع ايران بالدرجة الأولى، والعراق بوصفه حالة ذات صلة ، وأبرز ملمح يمكن أن يظهر في المسارات المتوقعة هو ألا تبادر الولايات المتحدة الى تسديد ضربة نحو ايران مهما انتكست مفاوضات الملف النووي، لكن من الممكن ان تتيح الإدارة الجديدة خيارات اليد المطلقة لإسرائيل، التي يبدو انها خاضت تجربتين عمليتين على طريق مهاجمة المفاعلات النووية الإيرانية، فالتجربة الأولى كانت في تسديدها لضربات دقيقة لمنظومة الدفاعات الجوية واختبار قابليتها الدفاعية مع تجديد المعلومات العملية بشأن الخارطة العسكرية لإيران ، من خلال الرد الإسرائيلي في غضون الحرب ضد حزب الله في لبنان نهاية العام الماضي.
والتجربة الثانية تمثلت في قيام المقاتلات الإسرائيلية بقطع أطول مسافة في مهمة قتالية للقوة الجوية الإسرائيلية بواسطة الارضاع الجوي للوقود ضد أهداف للحوثيين في اليمن، وهو تمرين حيوي يحاكي اية عملية ممكنة ضد أهداف في إيران، إذ تتشابه المسافات والظروف الجوية.
لا نستبعد أن يطلق ترامب أيدي سواه لتنفيذ ما يريده، أو ما يريدونه هم، ويدخل في سقف ذلك إمكانية أن تغض واشنطن النظر عن قيام الطيران الإسرائيلي بضربات انتقامية أو استباقية لأهداف داخل العراق ترى فيها صلة مع إيران وسبق ان تعرضت مواقع للجيش الإسرائيلي لضربات عبرها، وهو دفتر الحساب الوحيد الذي لم تغلقه اسرائيل ولم تكتب فيه سطراً واحداً حتى الآن.
كل يوم، على ايران والعراق أن يتوقعا موقفاً أمريكياً جديداً مباشراً أو غير مباشر، مادامت المساعي الدبلوماسية لرسم وضع سياسي جديد لم تصل الى تسوية واستقرار.