فاتح عبد السلام
من المرات النادرة أن نجد بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية يقول انه يصغي الى آراء الولايات المتحدة بشأن الهجوم الانتقامي المرتقب على ايران ردا على موجات الصواريخ التي ضربت قواعد عسكرية إسرائيلية.
البيت الأبيض لديه خطان احمران بشأن تفاصيل الضربة الإسرائيلية، هما عدم التعرض للمفاعل النووي الإيراني وعدم مهاجمة حقول ومصافي النفط التي تشكل عصب الحياة لإيران المحاصرة والمعاقبة امريكياً منذ سنوات.
نتانياهو كان أمام فرصة ذهبية ينتظرها في تدمير ما يمكن تدميره في المفاعل النووي الذي سبق ان وصلت أوراقه السرية الى إسرائيل في عملية استخبارية كبيرة. كذلك، كان التوجه الإسرائيلي لشل مصادر تمويل إيران من الإيرادات النفطية كخطوة لمنع دعم أذرع ايران في العراق واليمن ولبنان. لكن هناك» قرار امريكي» أكبر من نتانياهو هذه المرة وسيجعله مضطرا للبقاء تحت سقف لعبة الرد والرد المقابل التي لا تكسر رقبة أيّ من الجانبين.
لكن المهم في هذا التطور هو هذا السؤال:
مَا الذي جعل الولايات المتحدة حاملة لقب «الشيطان الأكبر»، وتوصيف العدو «التاريخي» لإيران، أن تقوم بمهمات المحامي المدافع والذائد أمام طموحات نتانياهو؟
الأسباب في ذلك متشابكة ومن الصعب فرزها او القول بنهائيتها، أولاها هو منع توسيع الحرب لكي لا تتأثر الممرات البحرية لناقلات النفط والطاقة، بعد ان أظهرت تجربة الهجمات الحوثية – الإيرانية، فاعليتها في ضرب سفن وناقلات ووضع البحار في حالة قلق.
والسبب الثاني هو دول الخليج العربية التي لا تريد ان تنام على حال لتصبح وقد انخرطت من دون ارادتها في حرب انتقامية لا يأمن أحد من شررها لاسيما اذا شعرت ايران انَّ “حكم ولاية الفقيه» نفسه مهدد.
أما السبب الثالث فهو المعلومات الاستخبارية التي قد تكون حذرت من استهداف مفاعلات نووية قد وصلت برامجها الى مراحل خطيرة في المسار المحظور الذي تلوح من خلاله منذ شهور قيادات الحرس الثوري بتغيير العقيدة النووية.
ولعلّ السبب الرابع هو عدم وجود الخطط الاستثمارية السياسية والاستخبارية المناسبة لكي تفيد من أي هجوم نوعي يهز اركان الدولة في ايران التي لم تتلق ضربة موجعة منذ نهاية الحرب مع العراق في الثمن من شهر آب من العام 1988.
والسبب الخامس هو الخيوط السرية التي لها موضع في السياسات الإيرانية الامريكية، وقد يكون لها اليوم حاجة لنسج حبكة جديدة للخروج من عنق زجاجة الازمات.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com