حسن النواب
لا أدري لماذا تتكرَّر الإخفاقات في كل مهرجان للمِربَد؟ فيما تعلو أصوات الاحتجاج والسخط من قبل الوسط الثقافي على اللجنة المشرفة في كل دورة؛ دعوات مريبة لشعراء آفلين وخاملين لا رجاء في شعرهم، وتنافس للقراءة على منصة الشعر من قبل بعض المدعوين؛ كما لو أنهم فئة من الشحاذين على وليمة دسمة. لم يفكروا بعد عشرين دورة أشرفوا عليها في مهرجان المِربَد؛ أنْ يجلسوا بمكاشفة جريئة لتشخيص الأخطاء التي يرتكبونها في كل عام، وحرصاً على هيبة الشعر العراقي وإذكاء لهب الإبداع في متنه الشعري نقترح ما يلي:
1. منع تكرار دعوة الشاعر في كل دورة، ومنح فرصة لمبدعين آخرين يستحقون الوقوف خلف منصة شعر المِربَد، ويستثنى الشاعر الذي جاء بشعر مغاير يستحق الانتباه.
2. يكون دعوة الشعراء العرب والعراقيين في المهجر من قبل لجنة مختصة بالشعر ومحايدة، ويخضع اختيارهم للشعراء إلى التدقيق من لجنة اكاديمية أخرى، حتى لا تكون تلك الدعوات شخصية وللمجاملة.
3. انتقاء نصوص سعت إلى التحديث الشعري من تجربة شعراء السبعينيات والثمانينيات، والاحتفاء بتلك النصوص مع قراءة نقدية بيوم خاص في المهرجان، منها على سبيل المثال نص حيَّة ودرج لخزعل الماجدي، آخر المدن المقدسة لكمال سبتي، ومساء كفافي لزاهر الجيزاني، واستغاثات لشاكر لعيبي وغيرهم من شعراء السبعينيات، والأمر ينطبق على تجارب هامة لشعراء الثمانيات لا يمكن تجاهلها؛ أتحفَّظ على تسميتهم لأنَّهم أترابي وحتى أكون بمنأى عن مأزق المجاملة والمحسوبية؛ الذي وقعت في شِركهِ اللجنة المنظمة للمهرجان في كل دورة للمربد.
4. اختيار مجموعة شعرية صدرت حديثاً من قبل لجنة مختصة بالشعر بغض النظر عن عمر شاعرها وغير خاضعة للتجييل أو التجنيس أو التسيس، والإعلان عنها في مهرجان المِربَد كمجموعة شعرية أضافت ماهو جديد للشعر العراقي والاحتفاء بشاعرها وتثمين منجزه الإبداعي.
5. تشكيل لجنة من الأدباء المبدعين لرصد الفعاليات الشعرية التي انتجها الشعراء الجدد على مدار العام وانتقاء المجاميع الشعرية التي حقَّقتْ أو حاولت في تدوينها اجتراح رؤى مبتكرة لإثراء النص الشعري الحديث، وتهيئة نقاد لمعاينتها والكتابة عنها قبل افتتاح المهرجان.
6. دعوة نقاد عرب لمعاينة النصوص الشعرية العراقية المتميزة، ويتم التنسيق معهم قبل فترة مناسبة من انعقاد المهرجان.
7. إحياء ذكرى الشعراء الراحلين وذلك بتخصيص جلسة حوارية للشاعر الذي وقع الاختيار عليه، وتقديم هدية ثمينة لذويه اعتزازاً بدوره الشعري؛ ألا يستحق شاعر مثل رشدي العامل مثلاً هذه الالتفاتة وغيره الكثير الكثير.
8. الاحتفاء بناقد عراقي يتم اختياره وفق منجزه الإبداعي، وتخصص جلسة حوارية تكريماً لإبداعه.
9. إزاحة غبار النسيان والإهمال المقصود عن شعراء مبدعين بغض النظر عن توجهاتهم ومواقفهم السياسية، (باستثناء الذي سبَّبَ ضرراً للأدباء إبَّان نظام البعث الدموي) وتخصيص نهار شعري لهؤلاء المبدعين في المهرجان لقراءة قصائدهم وتوظيف أدوات النقد الأكاديمي حول نصوصهم. إذْ ليس من العدل تجاهل شاعر جماهيري؛ لأنَّهُ في آخر دورة حضرها شاكس من خلال قصيدته الأحزاب الدينية التي تحكم في السلطة، ونتيجة ذلك صدر قرار سري بحرمانه من المشاركة في المِربَد، وقد كنت حاضراً في مكتب مسؤول ثقافي كبير تابع لحزب ديني قبل سنوات وأخبرني بصريح العبارة عن حرمان ذلك الشاعر المشهور من المشاركة في مهرجان المِربَد؛ ويبدو أنَّ هذا القرار التعسفي مازال ساري المفعول.
10. تخصيص جلسة للهجاء الشعري، لنقد الحكومة والأحزاب والساسة والانتهازيين والوصوليين مع النأي عن ذكر أسماء بعينها، حتى يكون هذا اليوم الشعري بنكهة شعرية خالصة وربما يصبح من أبرز أيام المِربَد لحرارة التجربة الشعرية وصدقها في الهجو والنقد.
11. نقل مهرجان المِربَد من البصرة إلى بغداد، بسبب الإخفاقات المتكررة من قبل المشرفين عليه هناك؛ مع تخصيص يوم لقراءة نصوص بعض الشعراء العرب والعراقيين عند نصب أو بيت السيّاب.
12. عقد جلسة سجال لمراجعة فعاليات المهرجان في ختام كل دورة، وتدوين السلبيات لغرض معالجتها، مع الحرص على المقترحات التي يمكن من خلالها إذكاء جذوة المهرجان في دورته القادمة.
13. المقترحات أعلاه قابلة للنقاش من قبل الجميع؛ أدباء وجمهور ومؤسسات ثقافية حتى يبقى الشعر العراقي منجم الدهشة والسحر والابتكار.
لقد آثرت الكتابة عن مهرجان المِربَد هذا الأسبوع، نتيجة الهيجان واللغط الذي حدث خلال انعقاده والذي استمر حتى بعد انتهائه؛ على أمل العودة في الأسبوع القادم لتكملة حلقات الشاعر والبلاد.