فاتح عبد السلام
هناك مساحة كبيرة من الكراهية والتشفي والشماتة متبادلة اليوم بين “سوريين” و”لبنانيين” متفاقمة في خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة بسبب ما دار من حرب كبيرة في داخل سوريا واشترك فيها رسمياً حزب الله اللبناني بوصفه احد اركان محور المقاومة الذي تقوده ايران وتشترك فيه سوريا وقسم من العراق. هذه هي اساسيات الصورة واصولها، كما نشاهدها اليوم عبر شيوع روح العداء استنادا الى مواقف وسلوكيات جزئية وربما شخصية وضيقة من مجاميع قليلة أو نفر صغير في سوريا او لبنان ، لكن من المؤسف ان يجري اليوم وفي ساعات صعبة من حرب شديدة فوق ارض عربية، إعمام الكراهية على الجميع . من الصعب نسيان موقف السوريين السخي في استقبال اللبنانيين النازحين من بلادهم في حرب العام2006 ، كما انّ هناك حقيقة ماثلة وهي لجوء آلاف السوريين الى لبنان في سنوات الحرب ولا تزال اعداد منهم تعمل هناك، بالرغم من ظروفهم الصعبة واذلال قسم منهم، فالظروف في حد ذاتها ليست سهلة على اللبنانيين انفسهم.
سوريون على وسائل التواصل الاجتماعي يقولون انّ لبنانيين ينتمون لحزب الله اشتركوا في مذبحة» الحولة» وينشرون فيديوات على “تطبيقات معينة” لمقاطع أطفال وهم يتوسلون لذابحيهم الا يقطعوا رؤوسهم، ويقول أولئك السوريون ان حصار منطقة «مضايا” أدى بالناس الى أكل الحشائش واوراق الشجر والقطط، ثم موت اعداد كبيرة منهم جراء الحصار. ولعلهم يجمعون على انّ بلدة “القصير” في ريف حمص الحدودية مع لبنان أبيدت بأيدي قوات من حزب الله وليس قوات سورية، ويبثون أفلاما وتصريحات حول ذلك. ويرفض الناشطون السوريون في هذا المجال ان أطلب منهم ان يبتعدوا عن روح الشماتة في هذا التوقيت في الاقل، بل انهم يزيدون في القول بأنهم يعدون الشماتة واجباً أخلاقياً وانسانياً في معركة مستمرة لايزالون هم ضحايا فيها. ولا يريدون الاصغاء الى اللبنانيين المحترقين بالنار اليوم ليسوا جميعهم من اتباع الحزب او الجماعة.
من المؤكد انّ الشروخ عميقة جداً ومن الصعب معاينة مفاهيم الشعوب ومطابقتها على النظريات الاجتماعية والإنسانية التي درسناها، ولم تكن تلك الشروخ العميقة بحاجة ابداً الى تغريدة المرشد الإيراني الأعلى السيد علي الخامنئي في قوله انّ المعركة مستمرة الى ما لانهاية بين الجبهة ”الحسينية” والجبهة “اليزيدية”، كما انّ الوضع لم يكن تنقصه “انشودة: بنو أمية أصلهم ذهب»، فإجماع الامة «السّنّي» يقف في صف الإمام الحسين عليه السلام، وضد موقف يزيد من دون ريب أو تورية. لقد اختلطت الأوراق منذ ما يقرب من عقدين من الزمان، وطغت أصوات الطائفيين على العقلاء والحكماء من أبناء الامة والدين، ولعل الدماء والحقوق والحقائق اختلطت في فوضى ، و ربّما ضاعت ، ولاتزال المنطقة تدفع اثمان نشر الكراهية والخطابات الطائفية، وان الأبرياء من اللبنانيين النازحين من البقاع والجنوب يواجهون خطابا منتجا من بيئة استباحتها حروب وطمست فيها القيم الإنسانية، وانّ الضحايا لا يقفون في صف ويقف الجلادون في صف آخر ، فالغريب انّ الذي يجري ويتصاعد هو انّ الصفين يشتعلان بالنار ذاتها.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية