الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بطيخ أحمر وإعلام أسود

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

بطيخ أحمر وإعلام أسود

محمد صاحب سلطان

 

ينتابني إحساس، وانا أمعن التفكير بما ستؤول إليه أمور واقعنا الاعلامي،بأن الاسوء لم يأت بعد!، جراء الهجمة الفتاكة التي توجهها أدوات الإعلام الأمريكي والغربي المدارة بالريموت الصهيوني، وإحكام سيطرتها على الجو الاعلامي الخانق الذي يجتاح العالم ولاسيما منطقتنا، فأصبحت البرامج الموجهة للمتلقي، مجرد عروض مستنسخة بطريقة شوهاء لا تمت بصلة لواقعنا، تشعر متلقيها كما لو إنه قذف من مكان عال الى أرض قرميد!،ثم داسته جيوش ركائبها الإلكترونية المدجنة بالغش والكذب، وهذا ما دفعني إلى المقارنة، ما بين بائع البطيخ الذي يطلق عليه العراقيون (الرگي)، وبين (بعض) بائعي المنتجات الاعلامية بمضمونها الدعائي والاعلاني التي تتسيد ساعات يومنا، وأيهما أصدق في العرض والطلب!،، قد تكون هذه مقارنة غريبة أشبه بالنكته، ولكن الجامع لها، هو التحلية في البطيخ بعد الأكل والتسلية بالمشاهدة في ذات الوقت، فبائع البطيخ، يكشف عن دواخل معروضه بسكين كي يريك حقيقة ما يبيع!، وبالتالي تتولد القناعة لديك لحظوياً، فيما بائع المنتج (الاعلامي) وتحديدا المسلسلات، يبهرك عرضه، وتصدمك جماليات منتجه (البشرية والصوتية واللونية)، ويقدمه لك (بسكين) خفية تغرز لاحقا في تلافيف عقلك، من خلال سكب اللون المعتم الذي ينسف كل جميل، يبرز على شكل تقبل لكل حالة استلاب أي قيمة إنسانية أو إحساس بالمسؤولية،لاسيما عند الأطفال والشباب وباقي الفئات التي باتت مدجنة بفعل سحر (الإعلام الأسود)، مما جعل الصناعة الاعلامية، تأخذ حيزا كبيرا في النتاج الاستثماري، الذي يحقق أرباحاً طائلة للممولين، مما تطلب لها تنظيما خاصا بأسس (معيارية)، أصبحت في حكم العرف المهني(مواثيق) لها دلالة الالزام بين العاملين المغلوبين على أمرهم، على عكس ما يرتجى من مواثيق الشرف التي يفترض أن تسود ،على شكل مدونة سلوك أو وصايا أخلاقية، تحمي مهنة الإعلام من الطارئين والعابثين، الذين شكلوا مؤخرا-للاسف- طابورا من المرتزقة، جندوا خبراتهم وأقلامهم لشيطان المال، فتحول بعضهم إلى جيوش ألكترونية ومنصات وصحف وفضائيات ،تدعي الفضيلة وهي غارقة بوحل النجاسة، تلوث كل من يقترب منها..

وهذا الحال، يبرز أيضا في كل منعطف تمر به البلدان العربية، سواء أكانت في أزماتها الداخلية أوالخارجية أو في إنتخاباتها على حد سواء، نرى المتنفذين يسعون الى شهوة التفرد من دون إستحقاق، متعكزين على صياغة منتجات إعلامية (رهن الطلب)، تعبر عن وجهة نظر أصحاب المصالح وزعماء ثريد الدجل والإحتيال والتزوير، وهذا ما يدفع البعض من ممتهني تجارة الكلام المقروء والمرئي والمسموع، ممن لا تنطبق عليهم صفة الممارسة الحقيقية الصادقة،الى التلون والحذلقة وتغيير مفردات لغتهم على ضوء مصالحهم الجديدة، المبنية أساساً على وفق من يدفعون أكثر، والتي تصب بشكل أو بآخر في متاهة تشتت المتلقي وضياعه، لكنها تلتقي في نهاية المطاف، تحت مظلة الممول الغريب ذو المصالح البعيدة، والذي يبغي إلغاء التفكير المنطقي لدا المتلقي، فضلا عن خلط الأوراق السليمة منها والمضروبة، لكي يختلط الحابل بالنابل، وتصبح (الرسالة الاعلامية)، طبخة مقلية بالسم، تخدم هدفا تخريبيا، يتمثل بتعزيز سلطة المتلاعبين، القامعة لتوجهات الاغلبية، وهذا الأمر الذي أشرت إليه، يتضح بشكل جلي وسافر، لدا العديد من أدوات الإعلام الداخلي المسيج بأغطية الخارج، الذي يحاول تركيزه في بيئتنا، والخادم لتوجهاتهم، والمرتبط بهم مباشرة، أو تلك الانماط الحرباوية التي تدعي شيئا وتضمر غيره!،، وجل الخشية، أن يتجذر الإعلام الأسود ولا يبق للاعلام الأبيض شيئا، وبالتالي يتعذر معرفة نوع الرسائل الاعلامية التي من ابرز قواعد صياغتها، أن لا تكون مبتذلة، وخالية من المبالغة فضلا عن صدقيتها ووضوحها، وبذا تحتاج إلى مشرط الجراح الخبير في تخصصه لا الى سكين بائع البطيخ!!.

 


مشاهدات 119
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/04/25 - 7:04 PM
آخر تحديث 2025/04/26 - 11:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 559 الشهر 28026 الكلي 10908673
الوقت الآن
السبت 2025/4/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير