الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المعلومات وقود المستقبل..  من النفط الأسود إلى الذهب الرقمي

بواسطة azzaman

المعلومات وقود المستقبل..  من النفط الأسود إلى الذهب الرقمي

اثير هلال الدليمي

 

لطالما لعبت الموارد الطبيعية دورًا حيويًا في تشكيل الحضارات وتطور الاقتصاد العالمي. فقد كان النفط، أو مايطلق عليه ب “الذهب الأسود”، محركًا رئيسيًا للثورة الصناعية والاقتصاد العالمي في القرن العشرين.ولكن مع دخولنا القرن الحادي والعشرين، برزت المعلومات كأهم مورد استراتيجي، وأصبحت تُعرف بـ”الذهب الرقمي”، حيث تعتمد عليها الاقتصادات الحديثة أكثر من أي وقت مضى.في مقالنا هذا، سنستعرض كيف تحولت المعلومات إلى وقود المستقبل، وكيف تؤثر في مختلف القطاعات، ودورها في تشكيل الاقتصاد العالمي الجديد، والتحديات المرتبطة بها.

1. المعلومات: المورد الجديد في العصر الرقمي.

موارد مائية

أ. التحول من الاقتصاد الصناعي إلى الرقمي.

كان الاقتصاد الصناعي يعتمد بشكل أساسي على الموارد المادية مثل الفحم والنفط والمعادن، لكن مع التطور التكنولوجي والثورة الرقمية، أصبحت البيانات والمعلومات هي المحرك الأساسي للابتكار والنمو الاقتصادي، واليوم، تعتمد الشركات الكبرى مثل جوجل، وأمازون، وفيسبوك، وتسلا على البيانات أكثر من أي مورد آخر، حيث تتيح لهم المعلومات تحسين منتجاتهم، وفهم سلوك المستهلكين، واتخاذ قرارات استراتيجية قائمة على التحليل الذكي.

ب. البيانات كمصدر للطاقة الجديدة.

تمامًا كما كان النفط يُستخرج ويكرر ليصبح مصدرًا للطاقة، فإن البيانات تحتاج إلى جمعها، وتنقيتها، وتحليلها، وتحويلها إلى معلومات قابلة للاستخدام. تتولى تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي (AI) وتحليل البيانات الضخمة (Big Data) هذه المهمة، ما يجعل البيانات ذات قيمة اقتصادية هائلة، وتُعد المعلومات أكثر قيمة من النفط للأسباب التالية:

1. التجدد وعدم النفاد: على عكس النفط، الذي يعد موردًا محدودًا، تتضاعف المعلومات يوميًا مع تطور التكنولوجيا واتساع رقعة الاتصال الرقمي.

2. إمكانية الاستفادة منها بطرق متعددة: يمكن استخدام المعلومات في التجارة، والصحة، والتعليم، والصناعة، مما يجعلها موردًا متعدد الاستخدامات.

3. سرعة الانتشار والتكامل: يمكن مشاركة المعلومات بسهولة عبر الإنترنت، مما يسرّع عملية تطوير الحلول واتخاذ القرارات الذكية.

2. المجالات التي تُغذيها المعلومات.

أ. الاقتصاد والأعمال:أصبحت الشركات تعتمد على البيانات في تحسين العمليات التجارية، واستهداف العملاء بشكل أكثر دقة، وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة. حيث تستخدم شركات التجارة الإلكترونية مثل أمازون وعلي بابا تقنيات تحليل البيانات لتقديم توصيات شخصية للعملاء وزيادة معدلات الشراء.

ب. الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة.

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا كبيرًا في تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة وفعالية. على سبيل المثال، تستخدم شركات التأمين البيانات لتقييم المخاطر، وتستخدم شركات الأدوية الذكاء الاصطناعي لتطوير أدوية جديدة بناءً على تحليل الجينوم البشري.

ج. الأمن والسياسة: أصبحت المعلومات عنصرًا أساسيًا في الأمن القومي والسياسة العالمية، حيث تستخدم الحكومات البيانات في مراقبة التهديدات الأمنية، وتحليل التوجهات الاجتماعية، واتخاذ قرارات استراتيجية قائمة على الأدلة.

د. الطب والرعاية الصحية:تساعد البيانات في تطوير التشخيص المبكر للأمراض، وتحسين العلاجات الطبية، وتمكين الرعاية الصحية المخصصة لكل مريض. على سبيل المثال، تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحليل صور الأشعة للكشف عن الأمراض مثل السرطان بدقة عالية.

3. التحديات المرتبطة بالمعلومات.

أ. الخصوصية والأمان

مع تزايد الاعتماد على البيانات، تزداد المخاوف حول كيفية استخدامها وحمايتها. تؤدي الهجمات السيبرانية وتسريبات البيانات إلى خسائر مالية كبيرة وانتهاكات خطيرة لخصوصية الأفراد.

نفوذ اقتصادية

ب. الاحتكار المعلوماتي:تحتكر بعض الشركات الكبرى كميات هائلة من البيانات، مما يمنحها نفوذًا اقتصاديًا غير مسبوق. يثير ذلك تساؤلات حول عدالة المنافسة، وضرورة تنظيم قطاع البيانات لضمان عدم استغلالها بشكل غير عادل.

ج. التضليل الإعلامي والمعلومات المزيفة:يمكن استخدام البيانات لنشر الأخبار الكاذبة والتأثير على الرأي العام بطرق غير أخلاقية، كما حدث في بعض الانتخابات والسياسات العالمية الحديثة.

4. مستقبل المعلومات: نحو اقتصاد قائم على المعرفة

أ. الذكاء الاصطناعي والابتكار.

من المتوقع أن تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق دورًا متزايدًا في تحويل البيانات إلى معرفة قابلة للتنفيذ، مما سيؤدي إلى ابتكارات غير مسبوقة في مختلف القطاعات.

ب. تعزيز الحوكمة الرقمية.

مع تزايد أهمية البيانات، ستحتاج الحكومات إلى تطوير سياسات جديدة لتنظيم استخدامها، وضمان توازن بين الابتكار وحماية حقوق الأفراد.

ج. التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة. :سيتحول العالم إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة، حيث ستكون القدرة على تحليل البيانات والاستفادة منها هي المفتاح للنمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي.وفي الختام نوكد على أن النفط كان المورد الأساسي في القرن العشرين، أما اليوم فقد اصبحت المعلومات المورد الأكثر قيمة في العصر الرقمي. والبيانات هي وقود المستقبل، وإن القدرة على جمعها وتحليلها واستخدامها ستحدد مكانة الدول والشركات في الاقتصاد العالمي الجديد. ومع ذلك، فإن هذا التحول يفرض تحديات جديدة تتعلق بالخصوصية، والأمن، والأخلاقيات، مما يستدعي تطوير سياسات وإجراءات تضمن استخدام البيانات بطرق تعود بالنفع على البشرية جمعاء.ونلخص قولنا بأن ، من يمتلك البيانات يمتلك القوة، ومن يحسن استخدامها يتحكم في المستقبل.

 دكتوراة في القانون الدولي العام

متخصص في الأمن السيبراني


مشاهدات 121
الكاتب اثير هلال الدليمي
أضيف 2025/03/23 - 2:42 PM
آخر تحديث 2025/03/26 - 2:41 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 514 الشهر 15825 الكلي 10576774
الوقت الآن
الأربعاء 2025/3/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير