الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حوار بيني وبين النور

بواسطة azzaman

حوار بيني وبين النور

نور البابلي

 

في عتمةِ الروح

نهضتُ أبحثُ عني

أتلمّسُ صدًى تاه في دهاليز الذاكرة

ناديتُ نفسي:

أأنتِ هنا؟

أم أنكِ وهجٌ تبعثر في رياح الندم؟

 

فردّت النفسُ بصوتٍ غائم:

أنا بين نبضك وخوفك

أنا ظلّك إذا مشيتَ نحو الضوء

ورفيقك إذا تهتَ في دروبك

 

سألتُها:

أين النور؟

أين تلك البذرة التي قالوا إنها تسكن أعماقي؟

قالت:

النور ليس بعيدًا

هو أنفاسك حين تصفو

وصدقك حين تعترف بضعفك

 

أصغيتُ لصمتٍ شفيفٍ

ينسابُ بين الفكرةِ والأخرى

شعرتُ به ينبض في صدري

نورٌ لا شكل له

ولا لون

ولا مكان

 

قلتُ للنور:

أتخافُ أن تقترب؟

أم أخاف أنا من احتراق يقيني؟

 

ضحكَ النور في هدوءٍ سماوي:

أنا لا أقتربُ ولا أبتعد

أنا فيكَ

وأنتَ الذي تبني بيننا أسوار الشكّ

 

تأملتُ جدران قلبي

كانت مليئةً بخدوش الأمس

وبصدى خطايا قديمة

وخوفٍ لم أُفصح عنه

همستُ للنور:

هل تسامح قلبي المكسور؟

 

فأجابني:

الرحمة تسكن العتمة قبل الضوء

والجمال يولد من الشقوق

وكل ندبةٍ في روحك

هي نافذةٌ لي

 

بكيتُ بلا دموع

فانسكب الصمت على روحي

وتحوّل خوفي صلاةً

تردّدها شراييني

 

قلتُ للنور:

علّمني كيف أكونُ أنا

كيف أقبلُ ضعفي دون أن أنهار

وأصادق ظلالي دون خوف

 

قال النور:

كن شاهدًا على نفسك

ولا تكن قاضيًا

احتضن وجعك

فوجعك دليلُ حياة

واحبب حيرتك

فهي طريق الحكمة

 

في تلك اللحظة

لم أعد وحيدًا

كانت روحي تجلس بجانبي

وكان النور يغمرني

لا ليُزيل ظلامي تمامًا

بل ليعلّمني أن أسير فيه

 

مددتُ يدي إلى قلبي

لامستُ رعشةً قديمة

فابتسمتُ

لأني أدركتُ أخيرًا

أن النور لم يكن بعيدًا يومًا

وأن الحوار مع النفس

صلاةٌ لا تنتهي

 


مشاهدات 82
الكاتب نور البابلي
أضيف 2025/07/19 - 3:13 PM
آخر تحديث 2025/07/20 - 4:47 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 176 الشهر 12584 الكلي 11166196
الوقت الآن
الأحد 2025/7/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير