فاتح عبد السلام
بدأت التسريبات بشأن تغيير محتمل في العراق تظهر في الصحافة العالمية، ومنها ما نشرته “اندبندت” البريطانية مؤخرا، استنادا الى تقرير استخباراتي يرجح انه أمريكي.
وتبع ذلك عشرات المقالات والتصريحات والتأويلات من معلقين وناشطين ومنجمين، حتى باتت مخيلة الجميع متضخمة على نحو مذهل في انّ التغيير السياسي بعد سوريا سيكون في العراق، في ربط ساذج خارج أي سياق سياسي.
لا أحد يجيب على سؤال: مَن هي الجهة المستفيدة من التغيير؟ من الصعب جدا اعتبار انّ واشنطن هي تلك الجهة، اذا لم تكن هناك إجابة وافية بشأن المضار على السياسة الامريكية من بقاء النظام الحالي ببغداد؟
هناك مطالب واشتراطات لسلامة العلاقات، على طريق الإنجاز برغم من العوائق الخارجية، وانَّ ذلك لا يمكن ان يدفع لتصفير نظام تعبت الولايات المتحدة كثيرا على انشائه، ولن تغامر في السير بطريق البدائل المجهول، والذي يحتاج الى موافقة حلفاء الامريكان في المنطقة أيضاً. هناك مَن يرى انّ البدائل متوافرة وموافقة الحلفاء الإقليميين فوق الطاولة وكل شيء ينتظر التوقيت المناسب، وهذا ليس رأي الأغلبية.
اعود الى الأساس، وهو انّ تعثر العلاقات لا يقود الى انهيارات في النُظم السياسية المصممة لمرحلة تاريخية لم تستنفد أهدافها حتى اليوم.
من دون أي اجراء ذي طبيعة انقلابية، تستطيع واشنطن الممسكة بملف إيرادات النفط العراقي ان تجبر القائمين في سدة الحكم ببغداد على تعديل المسار بما لا يجعل مكاناً لكسر العقوبات الامريكية على إيران حتى انجاز الحسم في الملف النووي الإيراني.
مع ذلك، لا توجد هواجس أمريكية أو دولية معلنة في الأفق في انّ هناك أسباباً موجبة تدفع للاستجابة لصرخات العراقيين الباحثين عن حكم يجتث الفاسدين ويعيد اليهم ثرواتهم المنهوبة ويخلصهم من قطّاع طرق التنوير.
الإجابة على سؤال “لماذا التغيير؟» بديل للسوال بكيف يكون التغيير.
بسهولة يمكن ان يقول المواطن العراقي العادي انّ هناك عشرات، وربّما مئات الأسباب التي تبرر التغيير، في حين ان الجهات الدولية المعنية لا تنطلق بتحفيز من تفاقم تذمر شعب ضد طبقات حاكمة فاسدة.
اللافت هو انّ الرئيس الأمريكي ترامب لم يذكر اسم العراق في جميع مداخلاته واجاباته بعد توليه المنصب، وهذا مؤشر على ان الدوائر المعنية لم ترشح امامه الملف الدقيق المقترح للتنفيذ من اجل تعديل مسارات العلاقات بين الولايات المتحدة وحليف «افتراضي» في المخطط التصميمي للأمريكان، وهو العراق الذي كان الصفحة الأولى في تغيير الخارطة السياسية للشرق الأوسط، ثمّ بدأت ملامح صور جديدة تظهر بعد ذلك بسنوات قليلة.
هناك مرحلة انتظار حتمية لتسوية إيرانية أمريكية، هي الأهم، وليست حلقة التغيير في العراق، التي لا تعني الامريكان بشيء كبير. إيران ليس امامها حل سوى التسوية النووية وارضاء واشنطن حدّ الثمالة والانتشاء لتستمر بدور وجودي، وهو ما ستفعله في النهاية حتى لو كان مثل تجرّع كأس السم.
للحديث صلة.