الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تهافت الأدلـة ... الخروج الى الهامــش ( ق2)1


تهافت الأدلـة ... الخروج الى الهامــش ( ق2)1

علي سلمان ساجت

 

من المستبعد جدا بل يكاد يكون مستحيلا احالة المتون الى الهوامش وجعلها بيضاء بلا توابع او مراجع او احالات لأن ذلك يعني القضاء على مركزية العقل و كل مخارج الفكر النقلي وعدم الأقرار بجهوزية العودة وأن مجرد التشكيك أو التضليل يخلق حاجزا عريضا بين العقل بوصفه أداة للنظر والمعاينة والأنتباه وبين المنقول والمكتوب بكل ثقله المعرفي والأستدلالي دون النظر الى ماهيته وحقيقته ومراميه وهنا تحصل المفارقة بين الحقيقة كواقعة وأستدلال وبين العقل في القبول والنفي  ,أن كل دواعي القبول للموروث في ظل هيمنة الفئوية والقبائلية ومراكز الواحدية والهوامش المتعددة أقول كل الدواعي مفقودة ولاتصمد أمام حركة الوعي لأن الأرتباط بين دوائر الوعي المتعددة ترفض أي تواصل مع الزمن المخروق وبالتالي لايمكن الأيمان والطمأنة لكل الذي بين ايدينا لأن كل دواعي الأختراق حاضرة  وهواجس الماضي المريب من تداعيات المؤسسة وخطاب الحركات التي تؤسس لخطاب متناقض لسواها وكل دواعي الأنتصارمن أحداها كفيلة بالقضاء على تراث الأخرى دون الأخذ بالحسبان دواعي الأمانة والحفاظ على الكينونة العلمية والقيم الصاعدة هذه من شأنها تساعد في بلورة حضور موضوعي وتساهم بقدر كبير في التشكيك لأن الروابط التي كانت سببا في الديمومة لم تأخذ على عاتقها مناخ معرفي يصمد حيال تفاقم الأزمات فالتاريخ الذي كنا نعول على صموده وشموخه ينهار امام حشود الخيول وسنابك الأدمغة الجوفاء فالتراث وخاصة ذلك الذي يدعم المؤسسات او يشير ولو من بعيد الى مناقب الحركات الفاعلة ويجهد لاهثا في ارساء دعائم ( المؤسسسة) وقتها لايمكنه ان يشكل تاريخا فاصلا لأي أمة وأنه من غير دراية سيجد كل ماأنتجه لايصمد امام حركة الزمن لأن الزمن آنذاك رهان فاشل في أثبات الحقائق أمام عتمة الحركة  وغياب الكتابة الموثوقة وتنامي الأفكار المتطرفة وصعود الأنا وزحمة الشخصنة وغروب الأحتكار , فالتراث في كل الأمم وفق هذه المعطيات  يشكل تاريخا متهافتا متناقضا لأنه يفتقد لكل عوامل الديمومة الموضوعية والأجيال اللاحقة تتوجس وترتاب من موضوعاته بسبب فقدان ركائز الأدامة من (دولة) أو جهات  ترعى وتحرص وتؤسس لنظام مؤرشف يصمد امام كل متناقضات الحالة  فكل ظاهرة تعتـقد ان ماسواها ضال مضل و كل فئة عندما تتمكن تبطش بأختها بلا هوادة دون النظر للروابط والمصير المشترك فبـمجرد تمكين القدم ينهض حاجزويسعى للتنكيل وأن ماورثناه ماهو ألا فكر متداعي هجين متصدع في ضوء هذه الرؤية وتلك المعايير يبدو الأمر أكثر بساطة لأن فكرة النظر الى التراث بعدم مبالاة وأنه يشكل تاريخا للأمم وعنوانا لهوياتهم , وجودهم ,ونظالاتهم وأبداعهم يعد أمرا غير قابل للتأمل والمعاينة لأنه من تلك الزاوية ليس من حقنا سوى أن نتباهى ونبارك وغير ذلك عندما تتبعض المفاهيم ويشتط الخيال معصوبا ومتهما فسوف تكون تلك الرؤى جناية مخلة نحاسب عليها وتترى التهم والنعوت , متآمر وجاسوس ومن عروق غير أصيلة وعلى أية حال ان واحدة من تلك الأسئلة سوف تكون بها خائنا ومتهما وعميلا ,بهذه الأسئلة لم يعد الأمر سهلا  وأن كل أوجه الخطاب المضاد مرده الى ماهية العقل الكوني وأن تلك الألية الموجودة هنا غير تلك الموجودة هناك وعوامل التداخل مفقودة وغير متيسرة ولوازم الأنفعال شاحبة تلك أحدى  الأتهامات للعقل الشرقي والعربي على وجه الخصوص وأنها تبدو وجيهة حينها  ؛حينذاك من الصعب بمكان أعادة الأفق الى مساره لأن هناك ركام هائل من العقائد والتوصيات  تقفقف حائلا  . ولعل الأهم من ذلك ان شحن المتون أو أعادة النظر فيها حتى لو تيسر او تحقق أثبات الحجج خلاف ذلك  بقرار آخر لايمكن قبوله بأي حال من الأحوال من مختلف الجهات والمراكز لانه يعني القضاء نهائيا على وجودهم في المراكز المتقدمة وأنهاء مصالحهم وكينونتهم ومن ناحية أخرى فأن جهات متعددة تحسب ان هذا يعني البدء من الصفر وان جهود قرون تمحي هكذا بلمحة بصر وان خرائط الازمنة  أكل الدهرعليها ولابد من شرب ماء عصري عذب . من المؤكد حتما ان التاريخ يخذل المغلوب ولم يكتب له أدنى فضيلة ودائما الخاسرون وطبعا نعني بالذين لم تمكنهم الظروف السياسية والأجتماعية والأقتصادية بالغلبة دون اجتراح ماسواها لم تسعفهم البدائل والبيان الجديد وبالتالي حتى الحياة الاجتماعية والسلوك الجماعي والفردي وارهاصات الأفراد لم تأخذ شكلها الطبيعي أتسمت بشكل الحاكم وميوله وهيئته تطلعاته وأحلامه وطريقة عيشه وخلجاته كلها كانت تجليات للحياة العامة . التاريخ المكتوب نهايات الأنتصار والهزيمة , أنتصار النخبة وسيادة الطبقة ليست اشارة الى تنوع الحالة انما في تصدع الجماعة امام خصوصية المجموع وسعيها في ثبات الحالة  مقابل سخونة  الدماء وضحالة المواجهة .  تبدو للوهلة الأولى وكأنها مؤامرة على المصير والصيرورة حتى من ناحية اعادة قراءة او الوقوف عند دلائل ومعاني الأحداث فأن ذلك يشكل أنحرافا للمسار المكتوب طيلة عقود من الزمن  تبدو أدانة للذاكرة الجمعية وأقصاء للهوية وعليه فان من الضروري السؤال عن الحتمية وقواعد الاشتباك وضرورة الخلاص من الركائز الاولى للوعي وتوجيهها نحو سكون بعيدا عن الاستلاب والغرائبية لتأسيس وعي آخر خارجا من الرحم المتورم المأزوم والمزكوم توسلا نحو نظرية افتراضية تشي بكل المنعرجات والانعطافات تفضح وتدين تساعد وتؤسس لأقصي  السحيق الذاتوي الغائر في فورة الأنا نحو وعيد أخلاقي يحنو لغرائبية فائقة   ان مما يدعو للدهشة ان التحاور في المسائل المقدسة وصياغة نظرية جديدة تأخذ بالاعتبار المفاهيم العصرية تعد انتهاكا للنص المقدس والذي كان سببا في ظهور كل المحاور التي راهنت على احقيتها دون سواها استدلالا بالنص نفسه لأنه متعدد المعاني . ان تقديس الاشياء وعدم صياغة نظرية مخالفة تستلهم كل اخطاء الماضي وتعيد الاحداث وفق منظور علمي عقلاني خالي من كل توتر وانفعال ليس مساسا او اخلالا بقدر ماهو اعادة اعتبار لأن كل الظواهر والاعتبارات والدلائل والهالات القدسية لاتشكل تحصينا بقدر ماهي تورط في كشف المكنون وانه ربما يفضح انفلات الازمنة ودواعي الأيام وهندسة الوقائع .ان أعادة الأعتبار لاتتأتى من تحصيل الواقعة ووجودها المادي لأن الأصنام والرقم الصماء عادة أكثر تحفيزا للوعي من سواها ومن خلالها نستقرأ كثيراونستشف تلك الحالة الراهنة وهذا مانراه  أكثر في المخطوطات الطينية والرسوم بحيث يشكل حافزا للأستدلال أكثر بكثير من سواه .

 ان الخلاص من المفهوم التقليدي المبني على وحدة الاستحواذ وسكون الحالة التي راهن عليها الجيل الأول في استدامة وأستقامة البناء لأجيال لاحقة ستجد نفسها حتما امام اسئلة كثيرة لاتنهض بالأجابة عنها لان الحصانة لم تكن بمستوى المواجهة . ان كل وقائع التاريخ ( القديم والوسيط) حين تقف على الحدث تجعل حدثا آخر مجعولا له ومتماثلا ان ثورات العبيد مثلا وكثير من الفتوحات المتأخرة لاأساس لها في المرويات المكتوبة عند ( الضديد) تأثيم وأدانة للمقابل المهزوم أنتصارا لأرادة القوي فالوقائع هنا انما تحت نمطين من القناعة لأن الزمن يشكل لاحقا تعضيدا وأستلابا وتفريغا في نفس الوقت عندئذ لايشكل التاريخ  أنحسارا للواقعة وحسب انما كشفا وفتحا جديدين  فعدد كبير جدا من المغازي سلبت مراميها وغايتها وأهدافها وصيغت بدائل وفق معطيات ( المرحلة) وبالتالي فأن كل الوقائع بحاجة الى التأمل وقراءة لان الخروج من هذه الدائرة والدخول في غيرها سوف يكون مخالفا ومغايرا وحينها لم يكن الأمر يسيرا فبمجرد التلميح سيضعك في محل أتهام ناهيك عن المصادر التي كانت سببا في اشاعة القيم المريضة .لذا فان عملية أعادة القراءة هي ليست اجهاض وادانة انما هي تحرر لكل النصوص أضافة محاور ودلالات وأزالة شوائب وزوائد وسوف نتيقن ان كل حوادث التاريخ حيكت وصيغت ودونت بخيوط أوهى من بيوت العناكب مكتوبة لسبب ومشحونة بحدث يراد بها بهتان او حدثان .

أن الوقوف عند أي ظاهرة من ظواهر التاريخ لايعني التشكيك فيها ووضع علامات الريبة امامها وانها ليست لها وجود وانها من وحي الخيال وان التراث بمجمله لايشكل تعاطيا مع الواقع هذا أفتراء من وجهة نظر تاريخية وعلمية . هذا تجنيا لكل الحقائق نحن بحاجة الى رؤية ومنهج وأستفهام وأن أي شكل من أشكال التحديث المزمع أجراءها لأي زاوية من زوايا التر اث يعد أمرا فائق الخطورة لسببين أولهما ان ثمة فائض من الوعي يسعى للمزاحمة وربما المشاكسة والثاني ان الماضي لايشكل عائقا امام  خلق رؤية ربما يساهم في أجلاء رؤى وأنشاء مفاهيم مستمدة من الماضي نفسه لكن يبقى ان الصورة الآتية تبدو معتمة وغير واضحة المعالم لأن معاينة الحدث يستلزم حيادا وهذا لاسبيل لتحقيقه في ظل المناهج القبائلية والولاءات المناطقية , أن أعادة بناء الأنسان مرهونة بأعادة بناء ( ماضيه) لأنه من وجهة نظر تاريخية يشكل جسدا ( تالفا) لكنه من زاوية أيديولوجية يشكل تعويضا فاسيولوجيا خاصة للحاضر القائم يتماهى مع القيم السائدة ممزوجا ومتداخلا مع المفاهيم المؤدلجة وتنظيرا للفعل الآني المنذور بالمبادرة المتوهجة ,, اننا مازلنا نمجد ماضينا نتعكز على قرون من العسكرة نتلذذ بالتوسع وصياغة الهيمنة ونحسبه تحررا نستفيق تارة فنجد أحلامنا أوهاما نؤخر خطواتنا نكبو ونتعثر لكننا لاننتبه لأن المسافات أبعد من خطواتنا ولا أحد بمقدوره أجلاء الصورة , والأمل سوف يكون معقودا على نهضة الوعي نفسه وهذا لاينهض من تلقاء ذاته دون ان تكون بشائر تجلو وتعيد صياغته من جديد وكل الذين صنفوا في اعادة الأعتبار الى الوعي من خلال قراءة الموروث مايزال يعتمل في صدورهم الرواسب المضللة والمفاهيم القبلية ,لم يخرجوا بعد من جذور الأنا وتوابعها متلفعين بعباءءة التراث التي لايأتيها الباطل , ان أسس الخروج والبدء من حيث مواجهة الداخل تتطلب رش الزيت على رماد الأزمنة (الرماد الذي كان في زمن ما وميضا والذي يوشك ان يكون له لهيبا  ) فليس ثمة دخان او حتى حرائق  وان روائح الزمن والزيف سوف تضمحل وتنكشف  دون ان يكون انفتاح على الداخل , ان قيمة الأشياء لاتأتي من نتائجها أو مايصدر عنها فثمة جهات تتحكم بنوعية الأفراز وأتجاهاته وغالبا ان كثيرا من هذه الأشياء تتمحور وفق طبيعة المرحلة تنهض وتستمد قوتها وفاعليتها من أستأنافها( الأستأناف الجمعي)  لكنها في الحقيقة محض أفتراء أو مصلحة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كان القسم الأول نشر على صفحات الزمان الغراء بتاريخ4/9/2021


مشاهدات 31
الكاتب علي سلمان ساجت
أضيف 2025/02/01 - 1:33 AM
آخر تحديث 2025/02/01 - 3:48 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 86 الشهر 86 الكلي 10295457
الوقت الآن
السبت 2025/2/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير