خطوة طيبة لكن ..

محمد الربيعي

مبادرة وزير التعليم العالي للنشر في المجلات المتميزة: خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح، لكنها غير كافية

في وقتٍ يعاني فيه المجتمع العلمي العراقي من ركود وكثرة النشر المفترس، جاءت مبادرة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الثمينة بتخصيص مكافأة مالية بقيمة ثلاثة ملايين دينار وكتاب شكر وتقدير للتدريسيين الذين ينشرون بحوثهم في المجلات العلمية التابعة لـ نيتشر» و»ساينس».

هذه المبادرة خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح، فهي تُشجع الباحثين المتميزين على نشر بحوثهم في أرقى المجلات العلمية، مما يساهم في رفع مستوى البحث العلمي في العراق وتحسين جودته.

ولكن، بدون بحث مميز لا يوجد نشر مميز، وحتى تحقق هذه المبادرة أهدافها، لا بد من توفير الدعم المادي والمعنوي للباحثين، وذلك من خلال توفير الأجهزة والمختبرات والأموال اللازمة لإنجاز بحوث علمية رصينة يمكن تحويلها إلى أوراق بحثية علمية متميزة. فبدون هذه الموارد، سيكون من الصعب على الباحثون إجراء بحوث علمية مميزة تستحق النشر في مجلات علمية مرموقة كالنيتشر وساينس، لكون العمليات البحثية هي القاعدة، والنشر هو تحصيل حاصل.

مهنة احترافية

الطريق الوحيد للنجاح هو تشجيع البحث العلمي الحقيقي وغير المفترس، وترسيخ ثقافة الابداع والابتكار والانغماس في البحث كمهنة احترافية، وهو طريقنا الوحيد للتقدم والازدهار والنشر العلمي المتميز. ولكي تحقق هذه المبادرة السامية أهدافها، لا بد من أن تُدار بكفاءة ونزاهة، فيجب أن يتم اختيار المشاريع البحثية المتميزة بعناية، ويجب أن يتم تمويلها وتنفيذها من قبل عقول متميزة على أكمل وجه.

وكما يقول المثل: «المكافأة المالية تُشجّع، ولكن الدعم المادي والمعنوي يُمكّن». لذا ندعو وزير التعليم العالي والوزارة إلى انتقاء وتبني مشاريع البحث الراقية والمتميزة، ومكافأة من يتقدم بها ويجريها ويشرف عليها ومن ثم من ينشرها كأوراق بحثية رصينة. ولهذا انا اقترح بتوسيع المبادرة وذلك بتمويل اجراء بحوث منتقاة يتم اختيارها على اساس التميز في الاهمية العالمية والدقة والموضوعية والابتكار والحداثة، والقدرات العلمية والمهارات البحثية والدافع الاكاديمي للباحث. باعتقادي ان هذه الخطوة اهم بكثير من المكافأة المالية لضمان نشر بحوث في النيتشر وساينس.   

إن كل مبادرة تهتم بالنشر العلمي فقط من دون توفير مستلزمات البحث العلمي الرصين والنزيه لن تساهم في النهوض بالبحث العلمي في العراق، وجعلنا في مصاف الدول المتقدمة.