بحثاً عن الأشجار المثمرة والثِّمار الطيبة
غزاي درع الطائي
الرجال معادن، والنساء كذلك، ولكن تمرُّ بنا أيام لا نستطيع أن نقول: رجال ونساء، بل نقول: ذكور وإناث، فلا بد من تسمية الأشياء بأسمائها، ولا بد أن يكون حامل الاسم معبِّرا عن صفته الحقيقية، وإلا اختلطت الأسماء بعضها ببعض وأصبح تمييز الذهب عن التراب أمرا مستحيلا، ومما هو باطل أن يتساوى الذهب والتراب في الميزان، أقول قولي هذا وأنا أتمنى أن لا يكون الناس كما قال عنهم أبو ذر الغفاري (رضي الله عته): (كان الناس ثمرا لا شوك فيه، فصاروا شوكا لا ثمر فيه)، وقد قال عيسى بن مريم (عليه السلام): ما أكثر الأشجار ولكن ليس كلها بمثمر، وما أكثر الثِّمار وليس كلها بطيِّب، وهذا قول حق، يعرفه كل عاقل ولكن لا ينتبه إليه الجميع، وعدم الانتباه يؤدي إلى الخلط، وعندها تتساوى الأشجار وتتساوى الأثمار من دون وجه حق وهي مختلفة تمام الاختلاف، فهذا هو الانحراف عن الصواب الحق، وهو من جهة ثانية تضييع للحق، في الوقت الذي يتوجب فيه أن يُعطى كل ذي حق حقه. إن العمل من أجل الحق والوقوف بصلابة ضد تضييع الحق، هو ليس واجب مسؤول واحد أو مواطن واحد، بل هو مسؤولية كل المسؤولين وكل المواطنين، ولا بد أن تكون القوانين النافذة معبرة بشكل لا يقبل اللبس عن وقوفها الواضح والحقيقي إلى جانب الحق، ومعلنة إعلانا لا يقبل التأويل أو التسويف أو المماطلة عن دعمها له وحمايتها لحقوقه ورفعها للوائه في كل الظروف، وحقوق الناس أمانة من الأمانات في رقاب المسؤولين وفي مواد القوانين النافذة، فليس أكثر حفظا لحقوق الناس من وضعها في قوانين متفق عليها ومصادق عليها، ومعروفة للجميع باعتبارها حدودا يجب الالتزام بها وتطبيقها، ومن واجب القوانين أن تكون ممثلة لحقوق الناس وحامية لها، ومراعية لمتطلبات العيش الكريم لهم، وقبل كل شيء وبعد كل شيء أن تكون طريقا لحفظ كرامتهم، فمن لم تُحفظ حقوقه هُدرت كرامته. وتحية مباركة طيبة لكل من يعمل على حفظ حقوق الناس وحمايتها وحمايتهم، وحفظ كرامتهم وتحقيق العيش الكريم لهم، وتأمين حقوقهم العامة والشخصية من دون تمييز.