مَن المعني بسيادتنا المنقوصة ؟
فاتح عبدالسلام
حكومات متعاقبة ووزراء خارجية من الوان مختلفة وها نحن في العقد الثالث من تاريخ عهد جديد في حكم العراق، ولم نرَ وقفة علنية جادة ذات مستوى دولي موثق في اعلاء شأن جواز السفر العراقي، الذي تحسنت عملية طباعته الالكترونية من دون ان يواكب ذلك ارتفاع لقيمته السيادية بين الدول . هذه حقيقة يلوون رقابهم ازاءها ويغادرون مواقع المسؤولية من دون ان تعنيهم مادامت جوازات السفر الدبلوماسية في جيوبهم وايدي عوائلهم.
جواز السفر هو القيمة السيادية الأولى التي يشعر بها المواطن العراقي لانها ترافقه في مطارات الدول ويرى من خلاله مدى احترام العالم لهذه الوثيقة من عدم ذلك.
كأن جواز السفر العراقي ليس من مسؤولية احد، تتقاذف قيمته المعنوية التصنيفات والإجراءات الدولية من دون اعتراض من جانب عراقي ، ولم يعد هناك وجود لعبارة (المعاملة بالمثل) ذات الدبلوماسية المنضبطة والصارمة أي مكان في قواميسنا التداولية الحكومية.
لماذا الجواز العراقي ضعيف القيمة في المعايير الدولية؟ ومن أي جهة يمكن أن نحصل على إجابة؟ ألم ينتقل العراق بالمساعدة الامريكية الكاملة من حكم مغضوب عليه الى حكم مرْضِي عنه، لماذا لم يكتسب هذا الرضا القيمة التوثيقية الفعلية التي تؤهل البلد في ان يكون ذا سيادة حقيقية في قيمة جواز سفر مواطنيه؟
دول عربية اقل إمكانية ودورا وثروة وموقعا من العراق، وتتعامل مع حاملي الجواز العراقي بتشدد كبير.
العتب يقع على الأجهزة الحكومية التي لا تدرك معنى السيادة المتوافرة في هذا الدفتر الصغير. ولم نسمع من مسؤول انه واجه اية دولة او مجموعة دولية تصنف الجواز العراقي في القائمة السفلية. ليذهبوا ويناقشوهم حول الأسباب، هذا انتقاص من قوة الدولة العراقية في ضبط وثائقها وهي تهمة لا يوجد من يدافع ضدها. بالتأكيد هناك ثغرات كافرة، إذ انّ الطرف العراقي قد لا يستطيع ان يدافع عن هدفه اذا واجهه أحدهم بأن شخصاً غير عراقي وعلى قائمة التصنيف الإرهابي لتركيا، ويقاتل في سوريا بصفته زعيما لقوات سوريا الديمقراطية، ويحمل جواز سفر عراقياً.
ربّما لا يتوقف عند ذلك سوى الأجهزة الاستخبارية الإقليمية، لكن وضع الجواز العراقي من نواح أخرى يحتاج الى وقفة (سيادية) بمعنى الكلمة. أمس رأيت قائد الإدارة الجديدة في سوريا يقول بعد شهر واحد من الحكم الجديد، انَّ هدفه هو أن يجعل في فترة قصيرة جواز السفر السوري محل فخر حين يمرّ حامله من مطارات وقنصليات الدول. هذا هو الانتقال الصحيح من “حالة الثورة” الى وضع الدولة ذات السيادة، انه شهر واحد من الحكم الانتقالي وليس دخولاً في العقد الثالث من حكم ثابت. أهو ثابت حقاً؟