لا تُسئْ إلى مَنْ تُحِبْ
حسين الصدر
-1-
روي عن الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) انه قال :
« كتب رجل الى ابي ذر رضي الله عنه :
يا أبا ذر
أطرفني بشيء من العلم فكتب اليه :
انّ العلم كثير ،
ولكنْ اذا قدرتَ أنْ لا تُسيءَ الى مَنْ تُحبُه فافعل .
قال :
فقال له الرجل :
وهل رأيتَ احداً يُسيء الى مَنْ يُحبُه فقال له :
نعم نفسك أحبُّ الانفُسِ اليك ،
فاذا أنت عصيتَ الله فقد اسأت اليها «
-2-
للوهلة الأولى لا ينصرف الذهن الى النفس حين يُدعى المرءُ الى عدم الإساءة لمن يحب .
ولكنَّ الحقيقة :
إنّ الإساءة للنفس هي التي تُفضي بالإنسان الى الخسران، وهي المفارقة الغريبة :
حيث انه يُحبُ نفسه ولكنّه لا يمتنع من الإساءة اليها عبر تلوثه بالذنوب والمعاصي .
-3 –
يفخر بعضهم بنفسه حيث يمنعها من اجتراح الذنوب والمعاصي ويقول:
لا لن أطيعَ هوى نفسي فلستُ فتىً
يعصي الإلهَ ومقتُ الشَرِ مِنْ شِيَمي
ولا أبيحُ لنفسي أيَّ معصيةٍ
اذ كلُ معصيةٍ تُفضي الى النَدمِ
-4-
كما أنَّ المثوبات على أعمالك الصالحة تُزيّن صحيفة أعمالك فانَّ السيئات تسوّدها ، وتُثقل كاهِلَكَ بما يترتب عليها من عقاب .
وممارسة الذنوب ظلمٌ كبير للنفس .
وهذا الظلم هو أفظع ألوان الظلم، لانّه لم يأت مِنْ عدو او مُبْغِضِ ، وانما جاء مِنْ قِبلَ النفس ذاتها، وهذا مالا يرضاه الدين والعقل معا .
-5-
والخلاصة :
إنّ حُبّ النفس يقتضي صيانتها من الوقوع في المطبات، ويقتضي إبعادَها عن انتهاك الخطوط الحمراء، وبهذا الصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، تكون النجاة في الدنيا والاخرة .