الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الغراب

بواسطة azzaman

قصّة قصيرة

الغراب

علي إبراهيم

 

نزل العدد الجديد  من الجريدة، بدأت عليه ملامح الإستغراب. كان يقرأ على ورقة ملصقة باعداد محكمة(مسترجع) صرخ في وجه المنضّد ولكن  اتكون  الاخطاء سبباً في المسترجع.؟ لم يجب على سؤاله؛ وهو ينقر على الحروف. ردَّ مدير تحرير الجريدة:ولكنْ الاخطاء تعلو رؤوسنا في الحياة كلًّ منافذها، طريق المرور اليومي ألفاظ الشارع النابيّة، مبضع الجرَّاح.... آه من الاخطاء! يوم ركبت  رأس كبير قومنا، واصبحت تعاليم لثلاثة عقود مضت.

_لم تكن خطاء مطبعيّة. هذا ما اكَّده المنضَّد.

_ماذا إذن.؟

_إنَّها إستمارات الإستبيان التَّي حلَّت علينا من البناية قرب نهر النيل.. هنالك تمَّ التنفيذ.!

_ماذا تقصد.؟

_هي يا سيَّدي مدير التحرير، لأنني مَنْ قمت بتنظيم اجوبتها. كانت فضيحة في تقديري.!

_ومنْ انت.؟

_انا المنضَّدايُّها المدير. هل تعقل أنَّ أبناء وطني يكتبون ما يُملى عليهم الآخرون.؟ إنَّها الفقاعات  الجافة، وقد بدت غامقة اللون مثل رغوة غسل اليدين.

_منً انت.؟

_انا الموظَّف الذي وظَّفته لجمع الآراء حول الأرض الطيَّبة امشي عليها. كُنتَ تنبشُ في الأوراق الصفر، تدفع بالعنف إلى أمام. وتدعم الإرهاب  من غير رصاصة، ولا بندقيّة محمولة.! تطبخ تقاريرك عند اروقة البناية قرب نهر  النيل مقابل الصكوك التي تستلمها. فظيع كلُّ ما يجري منك  ياسيَّدي المدير.!

_إذن ساقتّص منك، قالها مدير الجريدة، وهو يقرّب يديه بشكل دائريحول رقبة المنضّد الذي مال بنفسه تجاه الخلف كي يتفادى العنف حين يصبح درساً عليه.

_لا تكن قاسياً فما ذنبي انا.؟

_لاتنسى أصابعك  التي نضَّدت كلَّ تلك الإستَارات.

_لم أكن أعلم أنَّها ستنقل إلى البناية، إنَّها الكارثة.

_لن اتركك تهرب من غرفتي، انت خطر على الجريدة.

_كنتَ تعلم كلَّ التفاصيل، وانت تنزَّل هاتفاً وترفع آخر إلى اذنك.

_ما ذنبي، وقد ظهرت الحقيقة من لاعبنا  بالجهاز كلُّ منَّا ينقر على هواه.؟

_وما زلت تتفوَّه.

_هي إستوت  عندك لقمة سائغة تسلَّمتها  الأيدي، جُلُّ عنلها خراب الوطن.!

_ايُّ وطن هذا بعدما حلَّت البلوى، بعدما سُمّي بالتغيير..؟

_المنضّّد ضاحكاً: ما سُمَّي، وانت مَنْ تُسمَّى.؟

بدأت لعبة القط والفأر. كانت سنوات صعبة على المنضَّد الذي إختار ان يواجه مدير التحرير في الجريدة. يريد أن يزيل الغِشاوة عن صفحة من صفحات التلاعب بمشاعر  المواطن  من خلال السلطة الرابعة.  وفي صباح اليوم  التالي تناثرت الأوراق في الازقَّة والتقاطعات وتفرَّقت على المشرفات المزهرية بالورود، سقطت في عربة الحمل، نزلت أسفل أرضية الستوتة، وصلت  إلى المباني المصارف، والمنطقة الحمراء قرابة دجلة، تلقَّفها بائع المناديل، نزلت في حديقة دار الايتام، وفي حديقة دار العدالة؛ وفي وقفة العَلم يوم الخميس حملها  الطالب إلى مدير المدرسة الذي  بدأ  يقرأها. هتف  بها متظاهرو الساعات. كلُّهم. كلُّهُنَّ رددوا لا. لا للغراب أوراقه التي تنبعث منها رائحة  الخيانة.  لا  لبيع  الوطن خرده، وقد شيَّدته جماجم الحقّ.

تنهَّد  المنضَّد، وهو يرسل  كلَّ تلك الأوراق المتناثرةَ  مع الرياح، كان يبتسم أمام مدير  التحرير  الذي كان جالساًيضع يده على جبهتته، ورأسه. كان يسمع صوت الغراب قريباً من نافذة مقَّر الجريدة وهو يحاول ان ان يبعده بأيَّ  وسيلة؛ وهو يردد  اغربْ عنَّي ايُّها  الغراب. اغربْ. كان البكاء آخر شيء يجهش به. هو لم يرفع يده عن جبهتته، ورأسه. ضاع صوت  بُكائه مع صوت الغراب الاسود  وهو يحلّق عالمياً في الفضاء.

 


مشاهدات 123
الكاتب علي إبراهيم
أضيف 2025/07/30 - 3:02 AM
آخر تحديث 2025/07/30 - 8:48 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 706 الشهر 20703 الكلي 11174315
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير