الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
السحر الأسود يقلب الغراب طاووساً

بواسطة azzaman

السحر الأسود يقلب الغراب طاووساً

منير حداد

 

التساؤل بشأن حقيقة السحر الأسود.. هل هو حقيقة أم وهم؟ يحيل الى جملة متداولة في المجتمع الأمازيغي «لم نكن نعرف الشيطان؛ حتى إحتلنا العرب فجاؤوا به معهم».

ثمة طروحات لا يمكن البت بها.. صحيحة أم خزعبلات؟ لكن القناعة هي الفيصل الفارق بين وجود الشيطان عند العرب وعدم وجوده لدى الأمازيغ، وبين صواب السحر بألوانه كافة، والخطل في أن نرهن حياتنا بهذا مسحور وذاك فكه السحر، وهل العلاج لدى درويش مهرج أم طبيب منهجي؟

كل تلك الإنثيالات رهينة بقدرة مستحضرات كلامية وكيمياوية وإيحاءات غامضة، توهم المستهدف بأن ما يراه طاووساً، فإذا إستنهض قدراته الذاتية في مقاومة الوهم، إستعاد عقله الذي يرى الغرابَ غراباً، ويمحي الطاووس الموهوم.

ليس صعباً خداع الحواس، برؤى وطلاسم ذات طاقة تتحكم بالعقل، مع شيء من تنويم مغناطيسي، وأصوات.. أحياناً موسيقى، مثل تلك التي تستخدم في التعذيب، داخل معتقلات دول لا تؤمن بسحر ولا شيطان ولم تسمع بهما أو تتداولهما ضمن منظومة ثقافتها الإجتماعية.

آيات قرآنية

وإلا ماذا نسمي؟ وكيف نفسر؟ إستعراضات ذوي الطريقة.. الطعن بخناجر وذبح وسواهما، بتلاوة آيات قرآنية وإستحضار أسلافهم من مقدم العرض، مروراً بأجداده.. واحداً واحداً.. إنتهاء بالحسين وعلي بن أبي طالب.. عليهما السلام، حيث قال الرسول.. صلى الله عليه وآله «تعلموا السحر ولا تعملوا به» ولنا في عصا موسى إسوة في السحر الرباني «تمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».

معتنقو الديانات الوضعية.. بوذية وتاوية وسواهما.. يمشون على النار ويثقبون جماجمهم، بتلاوة آيات من كتبهم المقدسة، وهي غير منزلة من الله مثل التوراة والإنجيل والقرآن؛ ما يعيدنا الى المربع الأول بتساؤلات، عن حقيقة أم بطلان السحر الأسود؟ والإجابة تكمن في ذواتنا! إذ ثمة ميل كامن في لا وعي المرء يحثه على الإستسلام للسحر بأي لون يجده؛ كي يبرر رغبة لا يستطيع مقومتها، وخاصة في نقاط ضعف الرجال: المال والنساء والوجاهة! والأمثلة على ذلك كثيرة، تحتاج كتاباً لسردها في قصص مشوقة يمكن إتخاذها مواعظ، يستفيد منها الحكيم ويسقط الأهوج منهاراً.. صريعها.فإدمان الخمرة والريسز والدمبلة و... ممارسات شاذة، يبررها من سيبوا عوائلهم وباعوا أملاكهم تبع نزوات الإدمان، بأن الأعداء سحروهم، ومن تغلبه شهوته تجاه إمرأة ربما ليست فائقة الجمال؛ يبرر ضعفه الغرائزي بأنها تربطه إليها بسحر أسود!

سحر اسود

كلام أجوف لشرعنة الخطيئة، فمن صنع سحراً ربطه إليها، لم لا يصنع سحراً يربط كود البنك الدولي الى حسابه الشخصي؛ فيستولي على مال العالم.. لا أملك إلا أن أقول لمدمن عشيقة تأسره بإنوثتها غلبتك غرائزك؛ فخدعت نفسك بالسحر الأسود، وما السواد إلا ضباب غمامة يفيض من داخل فضاءات روحك الجوفاء؛ ليغمي حواسك؛ فلم تعد تطيق أنثى سواها؛ فترضي تهافتك بأنه سحر أسود، وعندما تصحو من هيمنتها العاطفية على غرائزك، تكتشف أنه لا سحر أسود ولا أبيض ولا بنفسجي، مجرد خداع حواس وسطوة غرائزك مهيمنة عليك بظل إمرأة...

أذكّر: مقتل الرجال في: المال والنساء والوجاهة؛ علَّ الذكرى تنفع المنحدرين في هاوية حادة يتسارعون نحو الـ... سقوط.

علمياً.. السحر الأسود، أو السحر المظلم، كما يسميه أبو محجن الفلكي، في مخطوطته غير المحققة «علم الجفر والزبر» وهو ليس علماً، بل ممارسة تعتمد على إستدعاء قوى خبيثة لإلحاق الأذى بالآخرين، وتحقيق مكاسب شخصية، أو إحداث الدمار.

ومهما تمظهر الغراب بجمال طاووس، لا بد يوماً يستعيد المسحور بصيرته؛ فيراه غراباً كما هو... غراب!

 

 


مشاهدات 19
الكاتب منير حداد
أضيف 2025/10/01 - 2:58 PM
آخر تحديث 2025/10/02 - 2:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 82 الشهر 804 الكلي 12040659
الوقت الآن
الخميس 2025/10/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير