الشراكة العراقية البريطانية خطوة نحو التنمية المستدامة

ليلى علي

إدراكًا لأهمية التعاون الدولي في تحقيق النهضة الاقتصادية وتعزيز الاستقرار، تم توقيع اتفاقية الشراكة والتعاون التاريخية بين العراق والمملكة المتحدة، والتي تغطي محاور حيوية تشمل التجارة، والدفاع، والرياضة، والبنية التحتية، بالإضافة إلى ملفات الهجرة، والتعليم، وتمكين المرأة. تهدف هذه الاتفاقية إلى تحقيق تغيير حقيقي ومستدام يخدم تطلعات كلا البلدين.

كان من أبرز المشاريع التي تضمنتها الاتفاقية مشروع الربط الكهربائي مع السعودية باستخدام أنظمة نقل الطاقة البريطانية الصنع، والذي من شأنه أن يعزز قدرة العراق في مجال الطاقة الكهربائية ويوفر بنية تحتية قوية للنهوض الاقتصادي. كما شملت الاتفاقية إطلاق شبكة الجيل الخامس (5G) في العراق بالتعاون مع شركة “فودافون”، مما سيسهم في تحسين خدمات الاتصالات ودعم التحول الرقمي.

وفي قطاع المياه، تعهد تحالف من الشركات البريطانية بتنفيذ مشاريع كبيرة للبنية التحتية للمياه، تهدف إلى تحسين جودة المياه في جنوب وغرب العراق، بما في ذلك مشروع مياه البصرة، مما يعزز الأمن المائي والاستدامة البيئية في تلك المناطق.

على الصعيد الدفاعي، أبدت الحكومة البريطانية التزامها بتطوير قاعدة القيادة الجوية (القيارة) وتعزيز أمن الحدود، في خطوة تهدف إلى تحسين القدرات العسكرية العراقية ومكافحة التهديدات الأمنية، بما في ذلك الحد من الهجرة غير الشرعية.

تأتي التنمية البيئية المستدامة في مقدمة الجهود البريطانية في العراق، حيث تشمل الاتفاقية تحلية ومعالجة المياه، ودعم مصادر الطاقة النظيفة، وتعزيز الممارسات البيئية المستدامة. ويهدف هذا التعاون إلى مساعدة العراق في تحقيق قفزة نوعية نحو المعايير البيئية العالمية، مما يدعم التنمية المستدامة بعيدًا عن الاعتماد الأحادي على النفط.

إطلاق هذه المشاريع يعكس نهجًا عمليًا في تحقيق التنمية المستدامة، لكنه يتطلب تعزيز سيادة القانون وتحسين الأداء الحكومي لضمان التنفيذ الفعّال للاتفاقية. ولهذا، فإن تعزيز آليات الحوكمة الرشيدة، وتبادل الخبرات، وإعداد كوادر عراقية مؤهلة يُعدّ أمرًا ضروريًا لضمان الامتثال القانوني وتحقيق المساءلة، مما يسهم في ترسيخ بيئة استثمارية مستقرة وشفافة تخدم مصلحة البلدين.

تمثل هذه الاتفاقية فرصة ذهبية للعراق وبريطانيا لتعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي في مختلف القطاعات، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الإقليمي. ومع وجود الإرادة السياسية والتخطيط الاستراتيجي السليم، يمكن لهذه الشراكة أن تؤتي ثمارها في بناء عراق مزدهر قادر على مواكبة التطورات العالمية.