آذار.. الحدث والذكريات و الدوافع
فاضل ميراني
لست اريد ان اثقل على القراء بجُمَل مطولة عن تقويم جمعته اقدارنا و اقدار خصومنا فكانت الحصة الاكبر منه و الاشد تأثيرا من حصة شهر آذار الذي يقع فيه رأس السنة الكوردية، مع ان الهدوء الذي يفرضه التقادم لا يعني ابدا ترك او مغادرة ارث كبير و عميق الجذور بخاصة المائة عام و نيف من عمر حراك الامة الكوردية ومنها شعبنا بكوردستان- العراق.
ولئن كانت السنة الكوردية تولد و تمضي في اذار لتشير نحو عراقة حضارتنا، فأن ميلاد و وفاة مصطفى البارزاني و ما بين التاريخين من مسيرة كبرى بثت الحياة الحرة في شعبنا و العمل النضالي العراقي، يشكلان تقوميا نضاليا و سياسيا و مجتمعيا يستحق بجدارة ان يُدرس و يُدرَّس و يؤخذ به في العراق و غير العراق من الدول التي لم تزل متأزمة بفعل الفكرين السياسي و الادائي.
مصطفى البارزاني صورة حيّة ماثلة مستمرة للفكر النضالي والاخلاقي الرفيع و القريب من هم الفرد في عيش كريم الحياة و المساواة في اخذ الحقوق، و شخصية واضحة سلسة في عرض الفكرة التي هي مطلب حيوي لشعب استمر مظلوما فقط لأن مناهج الحكم غير عادلة بقصد منها او لواطيء فكرها.
كل ذكريات آذار و غير آذار المرتبطة بالثورة تشع من شخصية البارزاني، تحرير مدننا في الانتفاضة سنة 1991، ثورة گولان التي لم تندلع بأذار هي فرع من شعلة ثورة الفكر البارزاني، و كذلك ايلول قبل ذلك، لم يتم قصفنا بالسلاح الكيمياوي الا للقضاء على صلابة الفكر الذي اخذ به رجال و نسوة امتنا و ابناؤهم، في المدن و القرى و المهاجر.
آذار و منذ ميلادي البارزاني انسانا اولا ثم مناضلا ثم وفاته هو شهر يتاقسم فيه الشعب الكوردي و الكوردستانيون مع البارزاني حلاوته و مراره، عذوبته و مجوجته، ابتساماته و نحيبه.
تقويم اذار يزدحم بالمشاعر التي حركت مناضلينا لمجابهة موانع طبيعية و بشرية امتدت لعقود دون ان نخسر ايماننا بفكر قائدنا او بعدالة قضيتنا، فلا الصخور و لا الثلوج و لا الجوع و لا الفقد اصابونا بالوهن، و لا العدو بلغروره و بجهله و بقسوته ازاحنا عن طريق اكملناه فحكمنا ذاتنا بذاتنا و اكملنا لنشيد تجربة قل مثيلها قبلا و الان و لربما مستقبلا، متمثلة بترجمة الشعارات الى واقعية ملموسة.
ذكريتنا النضالية نحن صنعناها نقية لا شائبة جرم بها، حرصنا على مكونات شعبنا و ضمان سلامتهم، و ذكريتنا المرة صنعها اعداء انفقوا الدم و السلاح و الزور و الوقت لمنع شعب من حقوقه، مستخدمين كل سياسات الالغاء و سلب الحريات و الحياة، تهجيرا و طردا و مصادرة و سجنا و قتلا.
دوافعنا هي نيل حقوقنا، و دوافعهم هي منع حقوقنا، لكننا شعب انجب مصطفى البارزاني، فكان ميزان الفوز لنا، و كان الخسران لمن رَكِب الباطل فأطاحه.
مباركة كل ذكريات هذا الشهر وكل يوم و ساعة في نضالنا و نضال كل تواق للعدالة و التحرر.
ان كل حرف ينور على لوحة بمدرسة و كل غرس في حقل و طريق، كل متسوصف و مشفى يقدم رعاية لمريض، كل عامل و فلاح و اسرة تجتمع تحت سقف آمن في ارض كوردستان العزيزة، كل ام تحتسب عند الله ابنا او رب اسرة مضى على طريق التحرر، كل پيشمركة شهيد و جريح و مناضل، كلهم و غيرهم من وجوه مجتمعنا هم العدّة التي تبقي الرجاء واضحا في الوصول ليوم تكتمل فيه صفحات تاريخنا الطويل للوصول للأهداف المشروعة التي بذل لها البارزاني عمره
مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني.