صبر الآباء وجزع الأبناء
عبدالهادي البابي
لماذا يتضايق ويتبرم وينزعج الشاب من والده ووالدته عندما تكون لهما حاجة إليه أو يطلبان منه الإستماع إلى كلامهما ونصائحهما ، بينما نجده يستمع إلى نصائح أصدقائه وهو بمنتهى التسامح وسعة الصدررغم سخافة وقلة فهم بعض أولئك الأصدقاء..هل هو الخوف من فقدان الحرية والإستقلال ، أو هو نوع من أنواع التمرد الطائش الذي لايحسب الأولاد حسابه في سنوات شبابهم الأولى ..؟
فالولد يتصور أن أى كلام أوطلب أو نصيحة تصدر من الأب أو الأم وكأنه محاوله للتدخل فى شؤونه الخاصة أو تقييداً لحريته الشخصية .. بينما الحقيقة غير ذلك ..لإن الحرية الحقيقية للولد هي بالإستماع إلى نصائح والديه بهدوء والأخذ بنصيحتهما لإنهما أكثر تجربة من الأولاد في هذه الحياة ولإنهما يحبان أولادهما دون غاية أو طمع....
فكيف يتحسس الولد ويتضايق من نصيحة والده ووالدته وهما يعتبرانه قطعة من فؤادهما ؟
ولماذا ياترى إذا أضطر أحد الأبوين أن ينصح أولاده ويطلع على أحوالهم ومشاعرهم ويناقش معهم مستقبلهم وحياتهم..لماذا يعتبرون هذا السلوك الذى لا باعث له إلاّ غريزة الحب والحنان ..يعتبرونه وكأنه أعتداء على حريتهم وأستقلالهم وتدخلاً في شؤونهم الخاصة ؟
وهل علم الأبناء ماهي مشاعر الآباء أتجاه أبنائهم ..وقد قال الشاعر السيد مهدي الأعرجي رحمه الله :
ولدي وما أدراك ما ولدي .......فكأنه ماءٌ على كبدي
فإذا وطأ الثرى له قدمٌ....صار الثرى كحلي من الرمدِ
الأب يعتبر الأبن كالماء الزلال البارد الذي ينزل على الفؤاد في ساعة العطش ...ويعتبر أن التراب الذي يدوسه الأبناء هو كحل ودواء لعينيه التي تصاب بالرمد من شدة فراقه ، فالوالد يعتبر أن رؤية ولده بقربه هي الدنيا التي يرى فيها النور .. فهل عرف الأبناء ماهو شعور الآباء ..!؟