مؤتمر الآباء المؤسسين.. فرصة أخيرة لإصلاح العملية السياسية
حسين الفلوجي
في ظل التحديات العميقة التي تعصف بالعراق اليوم، تتعالى الأصوات المطالبة بإعادة النظر في المسارات التي اتبعتها العملية السياسية منذ عام 2003. هذه الأصوات لم تعد محصورة في أوساط المواطنين العاديين، بل تشمل الآن قادة ومفكرين كانوا جزءًا أساسيًا من عملية إعادة بناء الدولة بعد سقوط النظام السابق. لقد بات واضحًا للكثيرين أن الوقت قد حان لعقد مؤتمر يجمع الآباء المؤسسين للعملية السياسية، ليكون هذا المؤتمر ربما الفرصة الأخيرة والتاريخية للاعتراف بالأخطاء وتصحيحها وتقديم رؤية واضحة للمستقبل.
على مر العصور، كانت لحظات الاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها هي المفتاح للتحولات الكبرى في الدول والمجتمعات. كما رأينا في تجربة الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، الذين نجحوا في وضع أسس قوية لدولة قادت العالم لاحقًا، فإن العراق اليوم بحاجة إلى خطوة مشابهة من قادته ومؤسسيه، الذين يتحملون مسؤولية أخلاقية وتاريخية عن المسار الذي اتخذته البلاد خلال العقدين الماضيين.
اصطلاحات ضرورية
ان الدعوة لعقد مؤتمر للآباء المؤسسين ليس مجرد فرصة لمراجعة ما تحقق، بل هو ضرورة ملحة لوضع خارطة طريق جديدة تستند إلى رؤية واقعية وقابلة للتنفيذ. هذه الخارطة يجب أن تتضمن خطوات واضحة لمعالجة أوجه القصور والإصلاحات الضرورية التي تضمن استقرار العراق وازدهاره. فالاعتراف بالأخطاء ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو أيضًا السبيل الوحيد لإعادة بناء الثقة في مؤسسات الدولة وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
في هذه اللحظة الحرجة، يجب على الآباء المؤسسين أن يتحملوا مسؤولية توجيه دفة البلاد نحو مسار أكثر استقرارًا وازدهارًا. إن استعادة الثقة في العملية السياسية وإعادة بناء مؤسسات الدولة تتطلبان جهودًا جادة وتضحيات كبيرة، لكنها تضحيات ضرورية لضمان مستقبل العراق. لا يمكن التفريط في هذه الفرصة بالتراخي أو عدم الجدية؛ فالمؤتمر يمثل الفرصة الأخيرة للآباء المؤسسين لإثبات قدرتهم على قيادة البلاد نحو الإصلاح الحقيقي.
ندرك جميعا، ان مواجهة أخطاء الماضي والاعتراف بها ليست بالأمر السهل، لكنها خطوة حاسمة لتحقيق التغيير الحقيقي. إذا استطاع الآباء المؤسسون في العراق أن يتخذوا هذه الخطوة الجريئة، فإنهم سيضعون البلاد على طريق جديد يقود إلى مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. إنها لحظة تاريخية تتطلب شجاعة وحكمة، والأمل أن يكون هذا المؤتمر نقطة انطلاق نحو عراق أفضل.
العراق، الذي عانى كثيرًا من الأزمات والصراعات، يستحق أن يتحد قادته للعمل من أجل مستقبل أفضل. المؤتمر الذي نأمل عقده يجب أن يكون بداية لتحول حقيقي في مسار البلاد، من خلال الاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها بروح من المسؤولية الوطنية والإرادة الحقيقية للإصلاح.
ختاما: يبقى الأمل معقودا على أن يستجيب الآباء المؤسسون لهذه الدعوة، وأن يتحملوا مسؤوليتهم التاريخية في هذه اللحظة الفارقة. مستقبل العراق يعتمد على قدرتهم على مواجهة الحقيقة والعمل بجدية من أجل تصحيح المسار، وبناء دولة قوية ومستقرة قادرة على تلبية تطلعات شعبها. إن تفويت هذه الفرصة سيؤدي إلى ضياع فرصة نادرة لإصلاح المسار، وسيكون لذلك آثار كارثية على مستقبل البلاد.
سياسي مستقل