محمد الخشالي ... مثال للصبر والاصالة

محمد مجيد الدليمي

ببالغ الحزن والاسى تلقت الاوساط الاجتماعية الشعبية والرسمية والاعلامية والثقافية  , يوم السبت 11 كانون ثاني 2025 خبر وفاة الباحث والمؤرخ الحاج محمد الخشالي صاحب مقهى الشابندر , اقدم واشهر مقاهي بغداد القديمة في شارع المتنبي

والحاج الخشالي شخصية بغدادية اجتماعية بارزة , له حضورا شعبيا وثقافيا واسعا  وذاكرة غنية نفيسة عن تاريخ وتراث بغداد حيث عاصر ايام العهد الملكي وحكومات الانظمة الجمهورية ..  كاتب هذة السطور احد رواد مقهى الشابندر العريق  , وبدات علاقة الصداقة بالراحل الخشالي منذ عام 2004 , كان يجالسه ويدردش معه في مجال التاريخ والتراث البغدادي ويسمع منه حكايات مفيدة وممتعة عن ايام العهد  الملكي وعن الشخصيات البغدادية السياسية والاجتماعية البارزة وعن شقاوات بغداد ايام زمان..

لقد تعرض الحاج محمد الخشالي ( اعانه الله ) الى نكبة مروعة ومؤلمة باستشهاد اولاده الاربعة وحفيده , اثر حادث التفجيرالاجرامي البشع الذي حدث في شهر اذار عام 2007 ولكن بفضل ايمانه القوي بالله تعالى , و صبره الجميل , حيث تلقى البلاء بالرضا بقضاء الله وقدره  ,  فازداد قوة واصرار في مواصلة الحياة , ووضع صورهم امامه في المقهى , وكانهم قريبين منه , كما داب على زيارتهم دائما في  المقبرة والدعاء  لهم بالرحمة والمغفرة .

وذات يوم وبعد مرور سنتين على  هذا الحادث المروع طلب من كاتب السطور ان يكتب له  مناشدة الى الجهات المعنية المسؤولة عن حال ووضع  مقابرنا  في بغداد , و التي تفتقر الى التنظيم والتخطيط وذلك لان (الخشالي)  كان عندما يذهب  الى المقبرة لزيارة اولاده الاربعه وحفيده الشهداء ,  كان يرى شواهد قبورهم متراصفة واحد صف الاخر  ولاتوجد بينهم مساحات فاصلة , ويشير  الخشالي( رحمه الله) قائلا  : حتى عندما اريد قراءة الفاتحة عليهم  , لم اجد مكان مريح  اقف فيه  للقراءة , وكذلك لايوجد لي مكان خالي من القبور قريب منهم , حيث عندما تاتي منيتي واتوفى ان ادفن فيه و ارقد مع اولادي وحفيدي .. وانا اليوم اشعر بالحيرة من هذا الامر ,

وعليه وبناء على طلبه تمت كتابة ونشر مناشدتة في جريدة المشرق الغراء انذاك , وفي الختام نقول رحم الله صديقنا وعمنا الحاج محمد الخشالي , الرجل المؤمن الصابر والمضحي  , الذي اصبح مثال للصبر والتضحية والاصالة  وعلامة فارقة في الثقافة العراقية وذاكرة شارع المتنبي .. سيبقى اسمه خالدا في الذاكرة العراقية , ونقترح على الجهات المعنية في امانة بغداد , ان تصنع له تمثالا برونزيا  باسمه ,  ينصب امام مقهى الشابندر, تخليدا لذكراه الطيبه وتثمينا لتضحياته الغالية وصبره الجميل , نسال الله تعالى ان يرحمه ويسكنه فسيح جناته ويجمعه مع اولاده الاربعة وحفيده في جنة الخلد وانا لله وانا اليه راجعون   .