الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رؤى الصدر

بواسطة azzaman

رؤى الصدر

علي عبدالرحمن الحيدري

 

ليس للكتابة أن ترتدي غير القلم والضمير؛ فتُشرق وتُخفق، وتعلو وتهبط، ويمتدّ أجلُها أو تحين وفاتُها، وليس للقلمِ -بمكوناته المتبادلة عبر التاريخ- سوى أدواته؛ أكانت خشباً أم ذهباً، وسواءٌ أجاءت بين إصبعين أم بين الأنامل العشر، ولا بأس للـ(رؤى) إن صارت صوتاً مجردًا، أو أملت عليها الظروف صوراً جديدة؛ ليبقى الضمير لغتَها وماهيتها ومبدأها وخبرها مواجهًا أساليبَها ووسائطَها وإيقاعَها وموقعَها، ومنه وحده مسارُ المحاكمة ومدارُ الأحكام.

وغب هذه الكلمات، وصلني أخيرًا كتابٌ جديد حافل للأستاذ الكبير والعالم البصير والموسوعي الخبير العلّامة حسين السيد محمد هادي الصدر (حفظه الله وتولاه)، هذا الرجل العصامي المتعدد كما وصفه صاحبنا الدكتور حمد الدخيل الذي لا يكتبُ بل يشعر، والقارئ يعي أن نتاجهُ نبعُ قلبٍ سليمٍ يصنعُ الخير ويدعو للخير ويدافع عن الخير، وهو بموسوعته الكبيرة يُعلي قيمًا تحملُ الإيثار لا الاستئثار، ويصطفي أحرفُها توثيقاً لأعمالٍ وآمال، وإشاراتِ محبةٍ وعرفان، وستكون دليلاً لمن يقرأُ بصفاءٍ ونقاء.

وعنوان هذا الجزء الجميل (رؤى) وهو السابع عشر بعد المائة، وهو ككل آثار هذا الكاتب البارع ضمَّ مقالات بديعات ومشاعرَ ولم يعبأ بشعارات؛ فكتب عمن لا منفعة متبادلة معهم للتدليل، وأعرض عن آخرين خشية التأويل، وبين التدليل والتأويل تقفُ مقالاته وسطورها المتوهجة.

نزهة عابرة

والذي يلوح لي بعد مطالعة أكثر من خمسين كتاباً لهذا المؤلف المحترم المعطاء أن الكتابة عنده ليست نزهةً عابرةً يستعينُ بها لتقضية وقت الفراغ ولجلاءِ تعبٍ أو نَصَبٍ، بل هي التعبُ والنَّصبُ لمن هو في عمره (مد الله فيه على طاعته)... إنما هي رسالة ذات أهداف سامية، وواجب مقدس بذل في سبيله الغالي والنفيس وزهرة عمره وغالب أيامه.

وعوداً للتعريفِ بهذا الجزء الذي طابق اسمه مسماه ووافق كنهه معناه، وكنتُ وقفتُ وقفةً مختصرة عند فلسفة تسميات أجزاء هذه الموسوعة في احدى مقالاتي المنشورة عنها.. أقول يقع هذا الجزء في 168 صفحة من القطع الوزيري وقد ضم أكثر من ثلاثين موضوعاً مختلفاً في شتى الفنون بينَ أدبٍ وشعر وفكاهة ونثر وتأريخ وعبر نثر بين طياتها أبهى الصور، وقد قال في مقدمته:

(لا يخفى على القارئ اللبيب أن كل ما يكتبه الكُتّاب من سطور وكل قوافي الشعراء ما هي إلا المرايا التي تعكس آراءهم ومن الطبيعي جداً أن تختلف الرؤى بين رجل يعيش ليأكل وآخر يأكل ليعيش.

وإذا كان البعض حريصاً على اظهار براعاته الشخصية في ما يكتب أو ينظم فكاتب السطور حريص على تسليط الأضواء على الرؤى التي تكون لها مردوداتها الإيجابية في حياة القراء الأعزاء لاسيما تلك الخواطر والرؤى المتعلقة بالاستعداد ليوم المعاد، والتزود له بأعظم زاد.

انها تذكرة للنفس أولا، وتذكرة أمل أن تكون نافعة لقرائنا الأعزاء جميعا ثانيا).

وحين قرأتُ سطور هذه المقدمة خطر ببالي أنه لماذا لم يأتِ الوفاءُ قرينًا للقلم بدل أن يكون الرثاء قريناً للألم؟! وللإعلام فوق المعلومة فنحن رثّاؤون بدرجة تميّز، أوفياء بتقدير ضعيف؛ فالحياةُ قد تلهي بعَضنا حتى يُفاجئَه الناعي، وكلٌ يرتضي قدرَه وتقديره، وللأسف نحن نعيش في عصرٍ غاب فيه نهج المبادرةِ الأخلاقيةِ الصادقة المبّرأةِ من المصالح والغايات.. وما أحق مثل هذا الرجل المثقف الظريف غزير الانتاج فينا بالاحتفاء والعناية، وليت لو يعقد مؤتمرٌ كبير تخصص جهوده كلها لقراءات في نتاجه وفكره ومؤلفاته وشعره، ونُكرمه بما يليق به ويستحق.

وهنا، أتوقف عن الكتابة لقناعتي أن ما كتبته يبقى يسيراً في قبال نتاج الأستاذ الكبير العالم الخبير السيد حسين السيد محمد هادي الصدر (حفظه الله) والذي اجتمعت فيه مزايا كثيرة فضلاً وأخلاقاً وعلوم ومعارف متنوعة يُدركها كل من قرأ له وعنه ويتفق على ذلك كل من عرفه.


مشاهدات 26
الكاتب علي عبدالرحمن الحيدري
أضيف 2025/02/07 - 11:40 PM
آخر تحديث 2025/02/08 - 2:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 67 الشهر 3880 الكلي 10399251
الوقت الآن
السبت 2025/2/8 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير