الطائفية والتجربة الديمقراطية
جواد العطار
تشكيل «ائتلاف القيادة السنية الموحدة» واعلانه قبل ايام والذي يضم مجموعة من أبرز القيادات السياسية السنية العاملة في الساحة ، حدث عادي جدا في ميزان التحالفات والنظام الديمقراطي... لكن السؤال الذي يطرح نفسه بعد أكثر من عقدين من العملية السياسية ، متى تستطيع القوى السياسية الخروج من البوتقة الطائفية التي صنعها المحتل الامريكي إلى الفضاء الوطني؟ وهل ستبقى العملية الديمقراطية حبيسة الاطر الطائفية والمذهبية والمناطقية والقومية؟.
منذ أن وضع بريمر لمسته الخبيثة حينما قسم مجلس الحكم على اساس مثلث طائفي قومي ، والعملية السياسية تقوم على هذا التقسيم الذي اضر بالبلاد ضررا بليغا حيث شتت الكلمة وأثار صراعات كبيرة داخل اروقة الساسة وجلسات البرلمان وهذه الصراعات كانت سببا في تسلل العنف والطائفية والمتطرفين الى داخل المجتمع... إلى أن افاق الساسة على زلزال دخول داعش وسقوط ثلاث محافظات.
وبعد هذا الحدث الكبير ، تعالت الصيحات لنبذ الطائفية وتوحيد الكلمة واعلاء مصلحة الوطن على غيرها من المصالح الضيقة... وبفضل فتوى الجهاد الكفائي وتضحيات القوات الأمنية بكافة صنوفها تحررت البلاد وانتهى خطر داعش والإرهاب إلى الأبد ، لكن ما ان تحقق النصر حتى عادت القوى السياسية بعد اقل من عام إلى التخندقات القومية والطائفية في انتخابات 2018؛ دون أن تتعلم الدرس.
وبعد احداث تشرين 2019 نلاحظ توجها شيعيا كرديا سنيا لتكريس الانقسام بين مكونات البلد الواحد ، وهو عكس ما يفترض ان يجري... فالجميع مدعو أن يذوب في بوتقة الوطن الذي يجمعنا ، وأن نستفيد من تجارب المنطقة وان نعمل بروحية الفريق الوطني الواحد ، وان نتنافس انتخابيا على اساس ما قدمناه للمواطن لا على اساس الخلفية الدينية او القومية او المذهبية او المناطقية ، لانها اساس الفرقة وتفكك العمل وتشتيت الكلمة وضياع الجهود واذكاء الخلافات بين مختلف المكونات ، وهذا درس قاسي تجاوزنا تداعياته بين اعوام (2014-2017) ويجب أن لا نعيد تكراره باي صورة من الصور.