الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
 الأمن القومي العربي والتحديات الداخلية والخارجية   

بواسطة azzaman

 الأمن القومي العربي والتحديات الداخلية والخارجية   

سامي الزبيدي 

 

 ارتبط مصطلح الأمن القومي بالأحداث العسكرية والحروب بين الدول المتجاورة والحروب الإقليمية والدولية بشكل خاص وبالتوازنات الإستراتيجية وصراعات القوى الكبرى, ويعرف الأمن القومي بأنه الحفاظ على سلامة وسيادة واستقلال واستقرار دولة معينة , أوانه الجهود والسياسات التي تهدف الى حماية المصالح الأساسية للدولة وشعبها من أية تهديدات داخلية أو خارجية , لقد برزت في النصف الثاني من القرن العشرين الى الوجود تهديدات جديدة تمس حياة الإنسان حتمت بروز مفاهيم جديدة للأمن القومي وأخذت مجالات واسعة واتجاهات متعمقة وهي تهديدات ترتبط بالعلاقة بين الإنسان والطبيعة وعلى سبيل المثال ففي بعض دول العالم الثالث يشكل التصحر مخاطر أعظم من الغزو العسكري  وبالنسبة للدول الصناعية والدول الكبرى يشكل النضوب السريع والمتوقع لاحتياطات البترول والغاز تهديداُ للأمن القومي اخطر من التهديدات العسكرية وما الغزو الأمريكي للعراق وتدمير ليبيا وسيطرة أمريكا على آبار النفط في شرق سوريا وزيادة القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج العربي والهيمنة الأمريكية على دول الخليج العربي وعلى بترولها إلا دليلا على أهمية البترول والغاز وتأثيرهما على امن الدول الكبرى والدول المنتجة العربية والخليجية وحتى المستهلكة , وفي هذا الصدد فالذي يهم الدول العربية في السنين الأخيرة هو تصاعد عمليات استنزاف البترول من جانب الشركات الاحتكارية الأمريكية والغربية والذي أصبح يشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي كما ان النضوب النهائي للبترول أو انقطاعه لفترة محدودة يشكل تهديدا للأمن القومي للدول المستهلكة ولذلك على الدول المنتجة والمستهلكة الاستعداد والتأهب لمواجهة حالات النضوب المحتمل حتى لا يقع تهديد صريح للأمن القومي لأحد الطرفين يؤدي في النهاية الى اضطرابات اجتماعية وسياسية قد تعقبها تدخلات عسكرية .                                                                                                                            ان التهديدات والتحديات التي تواجه الأمن القومي العربي هي قديمة وجديدة ومنها خارجية وأخرى داخلية والداخلية منها عديدة كالصراعات العربية العربية وما أكثرها كالصراع  بين مصر والسودان على المناطق الحدودية وبين العراق والكويت وبين المغرب والجزائر وبين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي وبين السعودية واليمن وبين سوريا ولبنان بسبب التدخل الإيراني في سوريا وبين ليبيا والدول العربية المجاورة بسبب الصراع السياسي في ليبيا,أما  التحديات الخارجية للأمن القومي العربي  فأقدمها المشكلة الفلسطينية والتهديد الإسرائيلي المستمر والمدعوم أمريكيا وغربيا لأمن الدول العربية كلها وان تعددت كياناتها ونظمها ومنذ إنشاء الكيان الصهيوني عام 1948 الى أيامنا هذه وعجز الدول العربية والجامعة العربية على مواجهة هذا التهديد رغم وجود اتفاقية الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي  الموقعة عام 1950 وهي معاهدة تجاوزت القطريات التي صنعها الاستعمار لكن لا الدول العربية ولا جامعة الدول العربية أوجدت إجراءات سياسية وعسكرية فاعلة ومؤثرة استطاعت من خلالها حفظ الأمن القومي العربي , كما شكل الغزو الأمريكي للعراق اخطر تهديد للأمن القومي العربي وذلك لمشاركة دول عربية فيه والأمر نفسه ينطبق على تغيير النظام في ليبيا الذي تسبب في مشاكل كبيرة للدول العربية خصوصا دول المغرب العربي , والمشروع الإيراني وتغلغل النفوذ الإيراني في العديد من الدول العربية وظهور الميليشيات التي تدعمها إيران وتهدد بها امن الدول العربية كما يحصل في العراق وسوريا قبل التغيير وفي لبنان واليمن وبعض دول الخليج العربية هو تحد كبير وتهديد للأمن القومي العربي وهناك تدخلات خارجية تؤثر على الأمن القومي العربي تمثلها الاختراقات التركية والإسرائيلية والروسية والأمريكية والبريطانية والغربية التي تنتج انقسامات داخلية عربية , والأمراض والأزمات الصحية العالمية التي عصفت بالعالم وما نتج عنها من آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية ليس على الدول العربية حسب بل على العالم كله كما حصل في أزمة كورونا فلهذه الأزمات تأثير على الأمن القومي العربي لان الدول العربية تعتمد على دول العالم في العلاجات والإجراءات الصحية والوقائية لضعف إمكانيات الدول العربية العلمية والصحية , كما ان التغيير المناخي هو تحد آخر للأمن القومي العربي خصوصا وان اغلب الدول العربية مناخها صحراوي حار وتقل في اغلب الدول العربية الأنهار ومصادر المياه العذبة ولابد للدول العربية من اتخاذ الإجراءات الملائمة للحد من تأثيرات  التصحر والتغيير المناخي الذي يحدث في العالم على الأمن القومي العربي .                                                                                                                   ورغم كل التحديات التي تواجه الأمة العربية يبقى الأمن القومي العربي ضرورة تاريخية وجغرافية وسياسية وقومية  لابد منها لان مصالح الأمة العربية مشتركة وحيوية والتحديات التي تواجه الأمن القومي العربي ستبقى ان لم تواجه بموقف عربي مشترك قوي يعيد لامتنا العربية أمنها القومي ومكانتها بين الأمم , وإذا نظرنا الى الواقع العربي الذي تنطبق عليه أكثر من غيره تلك التهديدات والمخاطر الجديدة لمفهوم الأمن القومي فان العرب  ما زالوا قاصرين عن تحديد مفهوم موحد لنظرية امن قومي عربي رصين يجنبهم الكثير من التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية التي تهدد أمنهم القومي رغم اختلاف نظم حكمهم وسياساتهم وكما يحصل هذه الأيام في غزة ولبنان واليمن وما حصل في سوريا  فالأمن القومي العربي يجب ان يكون فوق كل اعتبار ويتجاوز الخلافات السياسية العربية _ العربية .


مشاهدات 60
الكاتب سامي الزبيدي 
أضيف 2025/01/12 - 6:09 PM
آخر تحديث 2025/01/13 - 5:58 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 118 الشهر 5921 الكلي 10095886
الوقت الآن
الإثنين 2025/1/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير