الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وداعاً جمعة اللامي ..  يا نبض الجنوب الممتد 

بواسطة azzaman

وداعاً جمعة اللامي ..  يا نبض الجنوب الممتد 

 نوفل أبورغيف

 

لحظةُ وجومٍ اخرى .. موتٌ آخرُ ، ومشوارٌ طويل يصل إلى المحطة الأخيرة .. توقفت مسيرةٌ زخرت بالإبداع والكلمة الحرة والانحياز النبيل لقضايا الإنسان والمجتمعات الحرة ،، ترجّل المعلم القديم عن صهوة الحرف، وغادر الصديق الدافئ الحميم..

توقف قلبُ الكاتب والصحفي والروائي العراقي الكبير جمعة اللامي، عن عمر ناهز الثمانين عاماً، بعد حوار مرير مع المرض لتأجيل المشهد الأخير ،، قضى معظمها مبدعا يقدِّمُ ما يتجاوز به السائدَ من الكتابة، بأفق يجمع هم الوطن بعالمية الأسلوب ..

رحل في الغربة وبقي صوته شاهقاً في ذاكرة الثقافة العراقية والعربية، كما كان حاضرا مؤثرا في مشاهدها.

حينَ نبعت روحهُ من جنوب العراق، لم يكن يحسب أنه على موعد مع المنافي والسجون والوجع المزمن ، لكنه بقي حاملاً طيبة الجنوب وبساطته وجرأته النادرة، ليصوغ من تلك الجذور عالماً يضيء الحقول والمرافئ والمفازات .

كانت مقالاته وكتاباته بوصلةً هاديةً ، حفَرَ بصمته بفرادة اللغة ونصاعة الموقف، ليظلَ حاضراً في الضمير الثقافي صوتاً وموقفاً ، كما في نصوصه التي مزجت التراجيديا العراقية بالنفيس من جواهر الشجاعة مهما كانت التحديات ، واصلَ ثقافة الكرم وكان بيتهُ ملتقى للعراقيين في احلك المواقف، ليعبِّرَ عن تلكم المعادلة الصعبة بعمق ودراية .

لن تُنسى تلك الساعات من الحوار العميق والمتنوع الذي قضيناه معا ، ساعاتٌ غنيةٌ وصلت الليل بالنهار فلم نشعر بمرورها السريع في شوارع الشارقة وحديقة (زينب) حيث لقاء الحامل لأمانة الوطن والمشتاق لحضنه الدافئ ..

وقد كان لنا شرف الاحتفاء بإبداعه وتكريمه في وزارة الثقافة مبكراً ، لنُسهم اولاً في عودته إلى الوطن بعد التحول الديمقراطي، ونحقق حلمَهُ بتقبيل ثرى وطنه واستنشاق هوائه.. ووفقنا لطباعة أثرَهُ الانساني الباذخ (كتاب الكائنات) وتوقيعه في محافل رسمية شاخصة، احتفاءً بتجربته الغزيرة وتاريخه المخضرم، وتخصيص ملف غزيرٍ في مجلة الاقلام لتناول تجربته بأصوات نخبة من كتّاب العراق ونقاده .

وهو واجبٌ مستحقٌ تجاه رموز العراق الثقافية والفكرية .

واليوم، إذ تنعى هيأة الإعلام والاتصالات هذا القلم الفذ، فإنها تستذكر دوره العميق في ترسيخ المهنية الصحفية والشجاعة الأدبية، وتثمّن بصمته الراسخة في مسيرة الصحافة العراقية، وتدعو المنابر الاعلامية لتسليط الضوء على مسيرته الحافلة بالإبداع وشجاعة الرأي، ليكون درساً لمعاصريه وتلامذته وللاجيال،

فسلاما أيها الراحل المقيم في الأمل القديم ..

ولكن .. من سيجيب عن اسئلة الواقفين على ضفاف الكلمة ؟ وهل سنتساءل معك محتجين مجدداً (من قتل حكمة الشامي؟)  و هل سيعاد الاصغاء الى سمفونية السرد والشعر في (مجنون زينب)؟ ومن سيستمع بتشوق الى (المقامة اللامية) ؟

من سيؤثث (ذاكرة المستقبل) إن لم يحل لغز( كتاب الكائنات) ؟

لقد كان الراحل يؤسس بشغف لجيلٍ يرى في الكتابة خلاصاً، وفي الثقافة مقاومةً ، وفي الحرف نبضاً لا ينضب.

ولم يكن يكتب ليُرضي أحداً، بل ليقول الحقيقة كما يراها، مهما كانت كلفتها.

نال خلال حياته اهم الجوائز والأوسمة والقلائد .. لكنّ أعظم ما ناله، هو احترام الأجيال، وحفاوة القارئ العربي، وخلود الأثر في وجدان الثقافة العراقية.

وداعاً يانبض ميسان وشجن المواويل على ضفاف الخليج، ولترقد بسلام في عزلتك العظيمة .

وداعاً يا من صنعت من غربتك وطناً بديلاً يصلك بالعراق .

تغمدك الله بواسع رحمته، وانا لله وانا اليه راجعون.

 رئيس هيأة الإعلام والاتصالات                

 


مشاهدات 50
الكاتب نوفل أبورغيف
أضيف 2025/04/21 - 2:21 PM
آخر تحديث 2025/04/22 - 4:08 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 281 الشهر 22727 الكلي 10903374
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/4/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير