الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عقدة الشيخ

بواسطة azzaman

عقدة الشيخ

عدنان سمير دهيرب

 

السياسة فن الممكن , و هي أيضاً المؤسسات و المبادئ التي تحكم بواسطتها المجتمع و العلاقات الخارجية مع الدول الأخرى .

غير إنها تحولت الى فن التبرير في الدفاع عن عدم القدرة على التغيير و الاصلاح , و معالجة المعضلات والقضايا التي تداهم البلد ويعاني منها المواطنين . بخلق المبررات التي حالت دون معالجة ما حصل و يحصل من خطوب و إختراقات لبنية الدولة المجتمع .

تواصل إجتماعي

تلك التبريرات تطلق تحت ذرائع شتى , أسهمت فيها قوى تقليدية و وسائل إعلام و تواصل إجتماعي , لمنتفعين من شخصيات سياسية قفزة الى السلطة , إثر إتفاق المستفيدين من تلك الشخصية التي تصنع زبائنية للموقع السلطوي الذي يمنحها الألقاب مثل زعيم , دولة , فخامة , قائد , و معالي تسبق أسمائهم حسب الموقع في السلطة , وترفض إزاحتها عند الخروج منها ,بعد أن أصابها الغرور و القناعة بالصفة الى وصلت اليه بالصدفة أو التوافق لأسباب مختلفة , ولا يجب التخلي عنها في كل زمان ومكان , فهي تمنح الوجاهة و الحضور المعنوي في المجتمع , وتلتقي مع حاجته الراسخة منذ الصبا أو بواكير الوعي بضرورة السيطرة و التأثير على الأخرين , و عقدة الشيخ أي التماثل مع شخصيته التي تُعد الرأس في هرمية العشيرة التي أخذت تتمدد أعرافها و تقاليدها و أسهمت بترييف المدن التي فقدت قدرتها على إندماج أبناء الريف مع المدينة و جرى العكس , خلاف ما حصل في أوروبا إبان عصر النهضة رغم إنها من (الروابط الأولية) التي ظلت راسخة لقدرتها على التكيف مع متغيرات الواقع بسبب إمتلاكها الخزان البشري وعلاقة الأفراد على أساس الروابط القرابية و الحماية و الخضوع لرأي الجماعة لذوبان رأي الفرد مع السائد من الأعراف و القيم والأفكار  المتفق عليها و يصفها أريك فروم بشكل من الاندماج الرمزي و يفسرها عالم النفس فرويد بتحقيق الاندماج الداخلي لسلطة معينة ، أو نظام ، أو فكرة أو صورة ، فأنا أتملكها كما هي مصانه في داخلي الى الابد .

و يتولد إضافة الى ذلك , إلتحام أفرادها للحفاظ و تعزيز وجودها إزاء التحـــــــــــولات الاجتماعية والسياسية . فهي (مبدأ تنظيمي يحدد الأطر العامة للعضوية في الجماعة بحسب تراتبية تنظيمية , و هي رابطة موحدة الغرض مبنية على التحالف بقدر ماهي مبنية على النسب و القرابة , و تمثل عقلية عامة مستمدة من الانتماءات و الولاءات الوشائجية المنغرسة في أعماق الجماعة ووجدانها) . (خلدون النقيب / بناء المجتمع العربي) .

ذلك التساند والديناميـــــــــــة وإستيعابها لتحولات الواقع دعا الى ضرورة دخولها في الميادين السياسية و الاقتصادية والعسكرية منحها قوة إضافية , والأخيرة تمتلك قوة السلاح والعنف , وجُل المنتمين اليها بصفة ضابط من ذلك التنظيم الاجتماعي الساعي نحو الحكم . و مدونات التاريخ القريب على الساحتين العربية و العراقية شهدت إنقلابات مسلحة نفذها قادة في الجيش جذورهم ريفية , أخذت تالياً تتكئ على عشائرهم عند تسلم الحكم . غير إن التطورات الحديثة للانظمة السياسية و الانتفاضات قوضت تلك الانقلابات , لتأتي الأحزاب بديلاً للوصول الى السلطة بواسطة الانتخابات مع التغيير في شكل النظام السياسي من دكتاتوري الى ديمقراطي . ليتخذ قادة الأحزاب ذات السلوك باللجوء الى العشائر , لتبادل المصالح بوصفها أحدى القوى التقليدية المؤثرة في المجتمع للحفاظ على السلطة بفضل العصبية و غايتها السلطة مثلما يرى ابن خلدون (أن الملك (أي سلطة) غاية طبيعية للعصبية , ليس وقوعه عنها باختيار , إنما هو بضرورة الوجود و ترتيبه) . لذلك عمل قادة الاحزاب على إستمالة شيوخ العشائر لقدرتهم الحقيقية و الأفتراضية للافادة منهم في التعبئة الانتخابية فضلاً عن إمتلاك العشائر للسلاح من ناحية ومواجهة التحديات والازمات التي تقفز لتهدد الدولة والطبقة الحاكمة من ناحية أخرى , مما يفرض على تلك الزعامات السياسية  العودة ثانيةً الى إنتماءاتهم العشائرية / القبلية لتعزيز السلطة .

دولة حديثة

إن هذا التفكير و السلوك الدائري منح العشائر الاستمرار في البقاء كقوة فاعلة , رغم تعارضها مع بناء الدولة الحديثة و النظام الديمقراطي عبر الانتخابات وحرية التمثيل للدفاع عن مصالح وطنية . لذلك وجد كثيرون أن الانتماء للاحزاب و الولاء والخضوع لقادتها طريق يسير للقوة و الزعامة التي تكفل له الخلاص من تلك العقدة للحصول على أحد الألقاب التي تمنحها النزعات السلطوية للنظام الجديد , إذ أصبحت العشائر وفقاً للباحث هشام داود منذ التغيير في شكل النظام , الى جانب الأثنية والمذهب و الحزب السياسي كأحد العناصر التي بات العراق يوصف بها على المستويين السسيولوجي والسياسي .

 

 


مشاهدات 72
الكاتب عدنان سمير دهيرب
أضيف 2025/04/27 - 4:06 PM
آخر تحديث 2025/04/28 - 12:04 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 497 الشهر 30368 الكلي 10911015
الوقت الآن
الإثنين 2025/4/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير