جدل العطل والتنمية المستدامة
عباس الصباغ
ينماز المشهد العراقي عن غيره بحكم المستجدات التي لحقت به بعد التغيير النيساني المزلزل 2003 بكثرة العطل سواء الرسمية منها لعموم البلد او المحلية منها لبعض المحافظات لمناسبات كثيرة تتعدد مابين الاحتفالات لبعض المناسبات الوطنية والقومية او الفئوية لمناسبات دينية مستجدة وطارئة او ثابتة حسب التقويم ، او نتيجة للظروف الطبيعية والمناخية بعد ان خولت الحكومة وبموجب الدستور مجالس المحافظات في اعطاء عطل محلية خاصة بها وحسب “الحاجة” وفي الحقيقة ان الظروف المناخية والبيئية للكثير من الدول لاتستدعي منح العطل الا في حدوث كوارث وازمات الا انه وفي العراق ونتيجة لتهالك البنى التحتية يضطر المسؤولون الحكوميون الى اعلان عطل حفاظا على سلامة الناس خاصة الأطفال والتلاميذ الصغار ، والملاحظ ان حوالي ربع ايام السنة بل اكثر تذهب هباء وبعض الناس خاصة الموظفين والطلاب صاروا يتحينون الفرص من اجل الاعلان عن اية عطلة مهما كانت ولأي سبب كان صار الكثير منها يفرض بحسب “مزاج” بعض المسؤولين .ولكن الآثار السلبية المترتبة على اعطاء المزيد من العطل ولأسباب شتى تبدو غير مرئية ولها تداعيات مؤسفة على مجمل النشاط الوطني لسوق العمل والتنمية المستدامة وهنا تبرز الحاجة لتعزيز الإنتاجية وزيادة ساعات العمل لتحقيق نمو اقتصادي فعال و مستدام. وتداول العملات في هذا السوق خاصة العملة الصعبة التي تحرص جميع الدول على عدم التفريط بها خاصة دول العالم الثالث كالعراق , فضلا عن ان هذه العطل تكلف الاقتصاد الوطني عشرات الملايين من الدولارات سنويا لاسيما اذا صادف منح العطل لايام متتالية كما حدث مؤخرا في نهاية السنة ويتزامن معها عطلات الخميس والجمعة والسبت الممنوحة اساسا للموظفين والطلاب مايؤثر بالمجمل على سير العمل في دوائر الدولة ويعطل ديمومة العمل فيها ما يؤثر سلبا على قضاء مصالح الناس ناهيك عن الشلل غير المبرر في تمشية الامور الحياتية والمعاملات يضاف الى ذلك تاخير توزيع الرواتب خاصة للمتقاعدين وذوي الشرائح الهشة والفقيرة اضافة الى الارباك الحاصل في العملية التربوية لاسيما للصفوف المنتهية من كل مرحلة والذين يأملون مستقبلا مشرقا لهم ولوطنهم .
وفي العراق، هناك عطلة نهاية الأسبوع خلال يومي الجمعة والسبت، بالإضافة إلى أكثر من 10 عطل رسمية معتمدة في التقويم الرسمي للحكومة، تبدأ من عيد رأس السنة الميلادية، بالإضافة إلى الأعياد والمناسبات الدينية كعاشوراء وايام الأربعينية ، فضلاً عن العطل التي تتسبب بها الأحداث الأمنية وحالة الطقس من أمطار شديدة وحرارة عالية، ويرى خبراء أن أيام العطل تتجاوز كثيراً ما هو معلن رسمياً، حيث تصل إلى اكثر من 170 يوماً، ما يجعل الدولة تتكبد خسائر تقترب من 52 تريليون دينار بحسب المختصين الاقتصاديين ، والانكى مما تقدم ان تواتر منح العطل لسبب او دون سبب ان ذلك يشجع ثقافة الكسل والاتكال والخدر ويوجه طعنة نجلاء للتنمية المستدامة ويؤخر عملية الانتقال التدريجي نحو اقامة دولة عراقية حديثة متطورة ودولة مؤسسات والخروج من خانة العالم الثالث على اقل تقدير .