ترامب الرئيس المثير للجدل والقلق
عباس الصباغ
ظلت العلاقات العراقية الامريكية متأرجحة مابين مد وجزر تتقاذفها الاهواء وامزجة النخب الحاكمة في كلا البلدين ، ولم تكن يوما ما خاضعة لمتطلبات المصالح الوطنية والقومية لأي طرف بل ترتبط بالعوامل الجيو سياسية التي تعصف بالشرق الاوسط والقابلة للاشتعال والانفجار في اية لحظة والتوسع ماينذر بقيام حرب عالمية ثالثة ، ربما تكون حرب غزة ولبنان شرارتها ، فالصراع في العالم يزداد صعوبة يوما بعد يوم، كالحرب في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وشرق آسيا كالتوتر بين الصين وتايوان ، ومشاكل أوروبا وأمريكا اللاتينية كلها على طاولة الرئيس ترامب الذي يتشارك العراق القلق مع دول اخرى حيال شخصيته وسياسته . وقد يكون من السابق لأوانه التكهن حول طبيعة ملامح السياسة الخارجية للولايات المتحدة بعد فوز ترامب المدوّي على غريمته الديمقراطية هاريس فهذا ماستكشف عنه المائة يوم الاولى المعتادة والمعتمدة لتقيييم أية حكومة جديدة وطبيعة البرنامج الحكومي في التعامل مع مختلف القضايا ، لاسيما وان ترامب قد ضمّن مجموعة خطاباته الانتخابية بسلسلة من الوعود المتصدرة بصيغ (السين) و(سوف) طارحا نفسه كأنه “المنقذ” المنتظر و”المخلّص” لقضايا الشرق الوسط والبؤر الساخنة في العالم ايضا ، ملقيا اللوم كله على سلفه الرئيس بايدن المنتهية ولايته وعلى سياساته التي وصفها بـ( البطة العرجاء) والضعيفة ، ودون ان يوضّح ماهي اجراءاته حيال ذلك موجزا تلك النشوة بعبارة (نحن صنعنا التاريخ ) ورافعا شعارا سبق وان اطلقه في ولايته الاولى (امريكا اولا ) دون ان يوضّح كيف ولماذا واين ، بعد ان قدّم تعهدات سياسية واقتصادية واسعة النطاق لكن غالباً ما كانت تنقصها التفاصيل المحددة، وفي أوكرانيا، وعد ترامب بإحلال “السلام” وفي الشرق الأوسط نوّه الى سعيه لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، وحرب غزة ولبنان، لكنه لم يقل كيف ومتى ؟ وما هي الآليات المعتمدة وهل هو قادر على الوقوف بوجه النتنياهو ؟. بعد وصوله إلى الرئاسة وعد ترامب بتغيير القواعد القديمة التي يعمل بها النظام الدولي، وإصلاح هذا النظام بجعله يعمل لصالح الولايات المتحدة عبر آليات جديدة تختلف عن سابقاتها. ولكن سياساته الخارجية واستراتيجياته الدولية ومقارباته لمواجهة الأزمات الدولية أقلقت الأوساط الأمريكية والحلفاء الدوليين والاوربيين ايضا ، لذلك يجمع المراقبون على ان عودة ترامب للبيت الأبيض لا تحمل بشائر الاستقرار والأمن المتكافئ والحلول المقبولة لمشاكل الشرق الأوسط والعالم ، ومنها إيجاد تسوية شاملة وعادلة تستند إلى القرارات الدولية ذات الصلة والقانون الدولي وحقوق الانسان المعترف بها للقضية الفلسطينية التي تعددت فيها الحلول كحلّ الدولتين دون ان ترى بصيصا من الامل في نهاية النفق المظلم . تتحمل جميع الادارات الامريكية لاسيما ادارة الرئيس بايدن اوزار التمادي والاستهتار الاسرائيلي ، وقد يكون ذلك الاندفاع الزائد عن الحد وغير المبرر وراء دعم اسرائيل وراء السقوط المدوّي للديمقراطيين امام الجمهوريين في لعبة الانتخابات او عدم التصرف بذكاء في تلك اللعبة ، وفي الحقيقة انه لاتوجد ادارة امريكية تختلف عن اختها في التعاطي غير الانساني مع شؤون العالم سواء أكانت جمهورية او ديمقراطية في ذلك ويشهد تاريخ الشرق الاوسط وفلسطين على ذلك ، فالثابت في العلاقات الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية هو الالتزام الاستراتيجي الثابت بأمن إسرائيل وضمان تفوقها عسكرياً على كل الدول في الشرق الأوسط، ومن يتابع سياسة واشنطن تجاه القضية الفلسطينية منذ قيام دولة إسرائيل عام 48 ولحد الان سيلاحظ ذلك.وسبب القلق ان شخصية الرئيس الجمهوري ترامب المتناقضة لا يمكن التنبؤ بتصرفاته وإن مبعث القلق الرئيسي لدى إيران ـ مثلاـ يتمثل في احتمال أن يُمكّن ترامب نتنياهو من ضرب مواقع نووية إيرانية واغتيال أشخاص بعينهم وإعادة سياسة (أقصى درجات الضغط) من خلال تشديد العقوبات على قطاع النفط، وانه سيكون أكثر صرامة في التعامل مع القوى القريبة من طهران وبذلك تتوسع مديات الحرب الى آماد غير واضحة المعالم.
عراقيا تثير عودة ترامب الى البيت الابيض قلقًا بالغًا، فقد يتصاعد الصراع في الشرق الأوسط ويشمل دولًا جديدة ، والولايات المتحدة ـ وفقا لأغلبية الآراءـ سوف تواصل دعمها اللامحدود لإسرائيل التي ستستغل أكثر رئاسة ترامب ، وبشكل عام، فإنه سيحاول، العودة إلى سياسته التي أدت إلى انسحاب إدارته من الاتفاق النووي مع إيران، وتطبيق عقوبات أكبر مع ايران معيدا ذات السياسة كظروف انسحابه من الاتفاق النووي 5+1 ومن جانب واحد وهنا يكمن سبب القلق ، الامر الذي سيؤدي الى توسع الصراع في الشرق الاوسط بالاتفاق مع اسرائيل برئاسة نتنياهو ، وهو مايثير القلق في العراق و الكثير من دول العالم .