الطغيان الإقتصادي بين بغداد وأربيل
هوشمه ند رفیق إبراهیم
لأكثر من مئة عام، ظلت الأمة الكوردية مظلومة في ظل إعلام الدولة العراقية السبعة، حتى في ظل حكومتها شبه المستقلة مثل بغداد، واختارت الأمة الكوردية طواعية الفيدرالية في عدة محافظات في إطار العراق الفيدرالي. لكن لم يتم تطبيق الدستور كما هو، مما أدى إلى الصراع بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية في بغداد، والذي استمر حتى العام 2014 مع قطع بغداد الرواتب والميزانية، وتعد القضية الاقتصادية بين بغداد وأربيل واحدة من أهم القضايا، أو القضايا الأكثر تعقيداً في المنطقة والعراق، ويعتبر أن الضحايا الرئيسيين لكرة القدم إذ يعد الضحايا الأكثر تضرراً بين أربيل وبغداد هم الموظفون وطبقة الرواتب المحدودة في إقليم كوردستان، ويمكننا أن نطلق على هذه القضية «الطغيان الاقتصادي» في هذا السياق بوصفها خللاً في توزيع الموارد والقوى الاقتصادية الفيدرالية وحكومة إقليم كوردستان، مما يجعل أحد الطرفين يقمع الطرف الآخر اقتصادياً وبالقوة: 1. وجود النفط واحتياطياته الكبيرة كمصدر للجدل، والذي يتركز في إقليم كوردستان، مما جعله مصدراً رئيساً للدخل والصراع.
2. تقاسم الإيرادات: تعد الخلافات بشأن آلية تقاسم عائدات النفط بين بغداد وأربيل من أبرز أسباب التوتر، إذ تعتقد بغداد أن لها الحق في إدارة مواردها النفطية كافة، فيما تدافع أربيل عن حقها في إدارة مواردها النفطية، والغاز الخاضع لحكومة إقليم كوردستان والذي أقره برلمان كوردستان العام 2007 في ضوء المادة 112 من الدستور العراقي.
2. الصادرات النفطية المستقلة: التصدير المستقل للنفط من قبل إقليم كوردستان، ومن دون موافقة الحكومة الاتحادية، ساهم في اشتداد الخلاف حتى بعد قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس بتاريخ 2023/10/4 الذي عليق الصادرات النفطية المستقلة.
3. الموازنة العامة: ظل حجم حصة إقليم كوردستان من الموازنة العراقية محل اختلاف مستمر طوال العشرين عاماً الماضية، حيث تعد أربيل حصتها غير عادلة وغير كاملة، والتي كان ينبغي أن تحصل على 17بالمئة، لكنها لم تصل أبداً إلى 11بالمئة.
خدمات عامة
ما نريد الحديث عنه هنا هو أن الطغيان الاقتصادي بين الجانبين انعكس على حياة الناس بشكل عام وموظفي إقليم كوردستان بشكل خاص، بحيث أثر على تقديم الخدمات العامة من غاز وبنزين وأدوية ومواد الغذاء ...... إلخ) لأنه على الرغم من قلة الرواتب إلا الضرائب فضلاً عن العقوبات التي تفرضها الشركات والحكومة تؤدي إلى زيادة العبء على حياة الناس، ومع ذلك فالطغيان ظل مستمراً على مدى السنوات العشر الماضية، سواءً في أثناء بيع النفط من قبل الإقليم بشكل مستقل، أو بعد توقف صادرات النفط تستمرالأزمة ويدفع موظفو الحكومة ثمن الصراع السياسي بين قادة التجار السياسييين العراق والأقليم!، لأنهم في كلا العصرين لم يتلقوا رواتبهم الشهرية السنوية كحق أساسي أغلب رواتبهم لم تدفع!!
ومن الجدير بالذكر أننا سنركز في هذا المقال على مفهوم الطغيان الاقتصادي، وهو أعلى درجات الظلم، والذي يعني تجاوز حدود الظلم وعدم المساواة والحرمان المفرط لحقوق الناس والحصول على وجبات بسيطة للأفراد. وعلى الرغم من ذلك هناك أنواع كثيرة من الطغيان، إلا أن أسوأها هو الطغيان الاقتصادي، وهي المرحلة الأخيرة للتغلب على القمع، بحيث تتركز الثروة والسلطة الاقتصادية في يد شخص واحد أو مجموعة صغيرة من الأفراد أو الشركات. ويتجلى هذا النوع من الطغيان بطرق عديدة، مثل احتكار السوق، ومنع المنافسة، وتأثير الشركات على الاستراتيجيات والسياسات الحكومية، كما هي الحال في العراق وإقليم كوردستان. وأخيراً، يمكننا أن نتساءل هل سينتهي الطغيان الاقتصادي الذي تعرض له الكورد في المئة عام الماضية، وخاصة في السنوات العشر الماضية بمختلف الطرق، ولاسيما في عامنا الحالي 2025؟ أم سيستمر الطغيان الاقتصادي مرة أخرى بشكل مشترك بين الحكومتين (العراق الاتحادي وإقليم كوردستان) وتبعات الطغيان الذي يعاني منه اقتصاد كوردستان، حيث حرمان ذوي الدخل المحدود من الحليب والخبز!!!