مشاركات فنية تجمع بين الأشقاء في السعودية والعراق
تجارب وإبتكارات تثري فعّاليات بين ثقافتين بالرياض
الرياض - الزمان
أبدت النخب العراقية اعجابها بفعاليات مهرجان بين ثقافتين الذي استمر حتى نهاية كانون الاول الماضي في مدينة الرياض، برعاية وزارة الثقافة السعودية. وشهد المهرجان مشاركة اكثر من 100 عمل لكبار الفنانين السعوديين والعراقيين، في اجواء امتزجت بها التجارب الثقافية والفنية بين البلدين. ويحاكي المهرجان إثراء المعرفة الثقافية عبر تجارب فنية مبتكرة، واستعراض الحضارتين السعودية والعراقية، وبين المشاركات يبرز التراث والفنون العربية المختلفة، والتي تسهم في توطيد العلاقات. وقال الاستشاري المعماري همام الشريفي لـ (الزمان) امس انه (عندما حطت الطائرة التي تقله في مطار الملك خالد الدولي بمدينة الرياض، كانت لديه انطباعات مسبقة، ولكن ما شهدته ارض المهرجان كان أرقى وأجمل من المتوقع بكثير)، بحسب تعبيره، مبيناً ان (حضوره المهرجان جاء بدعوة من قبل وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية، لغرض المشاركة في ندوة حوارية بعنوان من الخيال إلى البناء اسس و مستقبل العمارة و التصميم في السعودية و العراق، ضمن سلسلة نشاطات و ندوات للمدة من 18 الى 31 من الشهر الماضي)، وابدى الشريفي اعجابه بالمهرجان قائلاً انه (من الواجب تقدير جهود ملاكات الوزارة المشرفة على تنظيم المعرض، ضمنهم الفريق اللوجستي الذي اتسم بالتعامل المهني الرفيع و الدقة في المواعيد، وتنظيم تنقلاته في المدينة حسب الجدول الزمني المتفق عليه)، وتحدث الشريفي عن (انبهاره بمحتويات المعرض الفنية بتجوله بين الصالات الكبيرة، التي تضم رموز ثقافية متميزة من السعودية والعراق، و تنفيذ نماذج معمارية كبيرة مطابقة للأحجام الطبيعية، مع اظهار تقنيات البناء المستخدمة في كلا البلدين، منها بناء لنموذج الصريفة او المضيف او الديوان الشائع في منطقة الأهوار العراقية، و المصنوع من قصب البردي)، واضاف انه (في صالة مجاورة تم بناء تشكيلات هرمية لأسطوانات الكتابة المسمارية والمنتمية للحضارة السومرية لبلاد النهرين بمواد حديثة تعبيرية و خفيفة الوزن)، ومن المفيد الإشارة إلى أن (الكتابة المسمارية هي الأصل التاريخي الاول لنشأة الأحرف الأبجدية في لغات الحضارة الإنسانية كافة، منذ نحو خمسة الاف عام).
صور جوية
وذكر ان (المعرض ضم مجسمات و موديلات و صور جوية، و أخرى ارضية لآثار طريق زبيدة الصحراوي، ضمنها محطات الاستراحة والواحات لخدمة قوافل الحجاج و التجارة، منذ زمن العصر العباسي الرابط بين مديني بغداد ومكة المكرمة قبل نحو 1200 عام)، كما احتوى المعرض على (أعمال فنية أصلية لفنانين سعوديين واخرين عراقيين ابتداء من جيل الرواد في منتصف القرن الماضي، الى الجيل المعاصر من الشباب المبدع)، ويتابع الاستشاري ان (المشرفين على القاعات يمتلكون ثقافة و اطلاع وافيين حول المعروضات لغرض توضيح الأصول الفلسفية المتضمنة في كل من الرموز و الشواهد والأعمال، لاستعراضها امام زائري المعرض بتوسع معرفي رائع)، منوهاً الى ان (الأعمال الفنية تروي قصة الفنانين التشكيليين وهم يحوّلون صور ذهنية عن وقائع الحياة ومتاعبها و تحدياتها، إلى رسائل فلسفية عميقة عبر الفرشاة الملونة و استعمال بعض المقتنيات المحلية من خشب الأشجار و أقفاص الطيور و المنتجات الزراعية، و غيرها من الادوات المنزلية المتاحة، لخلق جمال متميز وابتكارات مبهرة)، ولفت الشريفي الى ان (بين تلك المعروضات اللوحة الأولى التي رسمها الفنان العراقي الرائد والراحل جواد سليم في عام 1953 عندما كان يدرس الفن في إيطاليا، كما ضم المعرض الرسومات الهندسية الاولية لابتكار الزخارف المعمارية، مع مخططات توضيحية لمجالات التناظر و التشابه بين المدن الرئيسية في كلا البلدين، وايضا كان للأزياء الشعبية المتداولة في كلا المجتمعين نصيب وافر في هذا المعرض، وخصوصاً في طريقة التنسيق و اقتباس الالوان)، ومضى الى القول انه (في الجهة الاخرى اقيمت الفعاليات الثقافية والأدبية ضمن فناء كبير تم تسميته بشارع المتنبي تتوزع على جانبيه مجموعة المتاجر الراقية لعرض الكتب و أنماط خطوط الكتابة، و الأزياء و اللوحات الفنية و الأغراض المنزلية، و كل ما هو مرتبط بتراث البلدين، كما يتوسط هذا الشارع بناء مناظر لمقهى الشابندر الشهير في بغداد، مع منحوتة كبيرة للشاعر أبو الطيب المتنبي، وينتهي ببوابة عشتار الموروثة عن الحضارة البابلية)، موضحاً ان (الشابندر شهد توزيع المقاعد التقليدية للمقاهي العراقية، مع لوحات تصويرية على الجدران لإحياء الصورة الذهنية المحفوظة في الذاكرة العراقية، حيث توسط صدر المقهى منصة لإقامة الندوات مع شاشة إلكترونية خلف المنصة للتعريف بالندوات و اسماء المتحاورين)، واكد الشريفي (اهمية التواجد والمشاركة في هكذا فعاليات، وتوسيع الاطلاع على تجارب ادباء مسرحيين وفنانين، مبدياً سروره وفخره بالجلوس على مسرح مقهى الشابندر مع زملاء في الهندسة المعمارية والتصميم الرقمي، حيث ناقشوا التقارب الثقافي و المعماري بين السعودية و العراق، وسرد تاريخي لمعالم العمارة في كلا البلدين)، واستعرض الخبير تقريراً عن (العمارة العراقية بشواهد الصور و المخططات، يضم عشرة فصول تبدأ من التخطيط الحضري والتصميم المعماري مروراً بالمعالم التاريخية و مركز بغداد التاريخي).