وثيقة الترقيات العلمية..وضع العصي في العجلة

أكرم ســالم  

تحت شعار لا للهجرة غير الشرعية كرامتك في بلدك..الذي ترفعه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ،وبكلماته الجميلة وتمنياته الاجمل بالعام الجديد باغت السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور نعيم العبودي الهيئات التدريسية الاكاديمية بالمصادقة على مشروع تعليمات الترقيات العلمية الجديدة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتشكيلاتها الجامعية الحكومية والاهلية. وقد قوبلت مسودة الاجراء  بمعارضة واسعة من قبل الاساتذة الاكاديميين على الرغم من تضمينها العديد من الفقرات و النقاط الايجابية البناءة الهادفة الى مواكبة المرحلة الحالية من تطورات بيئة وآليات وأدوات المؤسسات الاكاديمية محليا وعالميا وضرورة مجاراتها لغرض رفع درجة تصنيف ومستوى الجامعات والكليات العراقية ورأس مالها الفكري البشري.ونرى أن هذه التعليمات الصادرة عن الاجتماع الحادي عشر 2024 لهيئة الرأي قد أصابت في تطوير وتحسين جوانب مهمة جديرة بالاهتمام في مسار وإشكالية البحث العلمي في العراق غير انها قد اخفقت في جوانب اخرى جوهرية وأساسية لايمكن التغاضي عنها.والملاحظ ان هذه الوثيقة الاكاديمية الحيوية ذات المساس المباشر بتطلعات الباحثين في العراق قد كتبت بعجالة حتى انني احصيت بصفحاتها المعدودة أكثر من 16 غلطا لغويا بيّنا وغير لغوي،الامر الذي لا يليق بسمعة هيئة الرأي بوزارة تعليمية بحثية ولا بخبراء هذه الهيئة الموقّرة..وليس من الضروري التطرّق الى هذه الاغلاط هنا.وبكل تأكيد فإن وضع المتطلبات الوزارية المبتغاة من هذه الوثيقة او التعليمات و بهذا السقف العالي جدا بل المفرط من الاشتراطات المعيارية لغرض نيل الباحث درجة الاستحقاق والقبول يضعه في مأزق حرج يؤول به الى الاحجام عن مواصلة نشاطات البحث العلمي غالبا،اذ ان ذلك يكلفه ثمنا نفسيا ومعنويا وماديا هائلا لايقوى عليه الا القلة القليلة النادرة،وهو يعني بكل تأكيد ويؤول الى تراجع حراك البحث العلمي في العراق و الذي نشط بشكل ملموس وبكثافة في السنوات الاخيرة فيما لو اقرت نهائيا هذه التعليمات بحالتها الراهنة.. إذ ينبغي على هيئة الرأي الوزارية رعايته وتشجيعه لا العكس من خلال وضع العصي في عجلته،وكما جاء في المادة 25 اولا:ان تكون البحوث المقدمة منشورة في احدى قواعد البيانات اعلاه ومصنفة ضمن الربع الاول في سنة قبول نشر البحث حصرا(اي مصنفة ضمن q1 )لمرتبتي الاستاذية والاستاذ المساعد ،او مصنفة في الاقل ضمن الربع الثاني (أي q2 )لمرتبة المدرس.كذلك ما يتعلق بمؤشر هيرتش  H-index الذي وضعت لقيمته درجات عالية جدا قد لايمكن بلوغها وتقرب من التعجيز،فقد وضع ما لايقل عن رقم 8 لمؤشر هيرتش H-index الخاص بالاساتذة بالتخصصات العلمية وما لايقل عن 4 للتخصصات الانسانية ،اما الخاص بمرتبة الاستاذ المساعد فقد وضع ما لايقل عن 6 للتخصصات العلمية ،وما لايقل عن 2 للتخصصات الانسانية.علما ان هذا المؤشر-هيرتش H-index مقياس مثير للجدل وليس معيارا دقيقا صالحا لعملية القياس ذات الصلة. كما ان المادة 5 من هذه التعليمات تشترط في البحوث والمؤلفات المقدمة للترقية العلمية ان  تكون “غير مقدمة في ترقية علمية سابقة” وهو نص مطلق يحرم الباحثين المشتركين الاخرين في البحوث ذاتها من الافادة من بحوثهم وجهدهم العلمي لمجرد ان احدهم قد سبقهم زمنيا في التقديم للحصول على الترقية!!.كلنا أمل في تفهم وجهة نظر القطاع الاوسع من زملائنا الاكاديميين المهتمين بإدامة حراك البحث العلمي في العراق على اسس ديناميكية وموضوعية كفيلة بالارتقاء بهذه العملية الحيوية.. ولاسيما من قبل معالي الوزير الدكتور العبودي الذي عرفناه بعقليته الحوارية المتفتحة والساعية للارتقاء ودفع عجلة البحث العلمي في جامعاتنا وكلياتنا.والله الموفق

          أستاذ مساعد. كلية دجلة الجامعة