وداعاً لعام مضى

نهله الدراجي

في ليلةٍ باردة من ليالي كانون الاول ، تدق ساعاتُ العالم معلنةً وداع عامٍ مضى وميلادَ عامٍ جديد. نقف على أعتاب هذا المفترق الزمني، نتأمل في صفحات العام المنصرم، بكل ما حمله من أفراحٍ وأحزانٍ، نجاحاتٍ وإخفاقاتٍ، لحظات ضحك ودموع.

كم من الأحلام عُلَّقت على جدرانِ الأمس، وكم من الآمال تناثرت كأوراقِ الخريف؟ نحصي الأيام التي مرت كقطار سريع، لا يتوقف إلا لحظات معدودة في محطات العمر. نتذكر تلك اللحظات التي ظننا أنها ستدوم للأبد، لكنها انقضت كَوَمضةِ برقٍ في ليلةِ شتاء.

ننسى أحياناً أن نتوقف لنتأمل. ننسى أن نقول كلمة حب لمن نحب، أو أن نمد يد العون لمن يحتاج. نركض خلف ساعات النهار، نلهثُ وراءَ مشاغلِ الحياة، حتى نجدَ أنفسنا في نهاية العام نتساءل: أين ذهبت كل تلك الأيام؟

مع كلَّ عامٍ جديد، نرسم خططاً جديدة، ونكتب قوائم طويلة من الأمنيات والأهداف. لكن هل نتعلم من دروس الماضي؟ هل ندركُ أن الوقت أثمن من أن نضيعه في الأمور التافهة؟ هل نفهم أن السعادة ليست في الوصول إلى القمة، بل في الرحلة نفسها؟

فمن المؤسف أن الأيام تمضي وكأنها تسرق منا أعمارنا في غفلة. نعتقد أن لدينا الوقت الكافي لتحقيق الأحلام، لتضميد الجراح، ولعيش اللحظات التي نؤجلها باستمرار. لكن الحقيقة أن الزمن لا ينتظر أحدًا. إنه يسابقنا، يتركنا في منتصف الطريق ونحن نحمل فوق أكتافنا أعباء الماضي وأوهام المستقبل، بينما الحاضر يفلت من بين أيدينا كحفنة رمال.

فرغم كل ذلك، مع كلَّ عامٍ جديد، يُولد أملٌ جديد. الأملُ ليس في تغيير العالم أو الآخرين، ولكنه يبدأ من داخلنا. لنكن أكثر صدقًا مع أنفسِنا، وأكثر تسامحًا مع أخطائنا. لنُدرك أن كل لحظة نعيشها هي فرصة جديدة للحب، للعطاء، للإنجاز، وللعيش بسلام.

وأنت تُطفئ الشمعة الأخيرة لهذا العام، اسأل نفسك: ماذا أريد أن أترك ورائي؟ وماذا أريد أن أحمل معي إلى العام الجديد؟ تذكر أن كل نهاية هي بداية جديدة ولحظات تمنحنا الفرصة. لا تنتظر العام ليُغيّرك، بل كن أنت التغيير. كن أنت النور الذي يُضيء طريقك وطريق الآخرين.

وكل عام، وأنت أقرب إلى ذاتك، أقرب إلى أحلامك، وأقرب إلى السلام الذي تبحث عنه.

وكل عام و عراقنا الحبيب بألف خير وسلام .