فم مفتوح .. فم مغلق
من ذاكرة العام 2024
زيد الحلي
بعد ان سحبتُ من سجل الحياة آخر ورقة من ايام سنة 2024، وقفت متأملا، ايامي المنصرمة.. ايام رجل تجاوز المرحلة الأصعب في حياة البشر، واعني مرحلة ما بعد أواسط العمر؛ تداعت امامي حسابات الفشل والنجاح، فالعقل يولد صفحة بيضاء، ثمّ تأتي التجربة لتنقش عليه ما تشاء. لقد وجدتُ ان البحث في تلك الحسابات لا يجدي نفعاَ، فالنظرة الحالية، دعتني إلى تجديد الحياة مع زملاء واصدقاء أصغر عمرا أو أحدث عقلا أو بطبع مختلف، هم اخوة للبقية الباقية من العمر، وللأمانة اقول اني حظيت بذلك والحمد لله..
لقد تيقنّت أن الانسان الصالح ليس لقلبه حدود، وبمقدوره أن يعامل الصلاح بالصلاح ويعامل الطالح بالصلاح أيضا، وتعلمتُ إن كلمات الحق، تخنق « الآخرين « وكلمات المجاملة، هي الزيف بعينه، وان التغاضي عن الأمور البسيطة، وعدم التوقف أمام توافه الاشياء، تجعلك لا تنهك قدراتك الذهنية في حل مشكلات الحياة، وإن الحب يمنح الإنسان المنعة.. والكره يمنح الإنسان الامتعاض والتعاسة..
فأفعل ما شئت لكن لا تظلم أحدا، وتميز بما شئت لكن لا تتكبر أبدا، وخاصم من شئت لكن لا تشتم أبدا، وأغضب كما شئت لكن لا « تجرح « أحدا، فحرارة القلوب تذيب الذنوب. إن الحرية هي التي تربي الأمم وهي التي تتيح الفرصة للأكفاء.. وهي تسد الطريق أمام كل ماكر، فالحكمة هي القدرة على التوصل إلى النقطة التي تتوازن عندها الأدوار المختلفة التي يتعين علينا ممارستها في حياتنا.
وبعيدنا عن الخجل، اقول ان أهم درس هضمته، هو إن وجوه الأطفال هي التي تفرش أمام عيني الأفق الرحب، وان النصيحة الطيبة، الصادقة، لا ثمن لها، فكثيرا، ما وجدتُ نبتة طيبة في أرض» سبخة « وأيضا وجدتُ نبتة فاسدة في ارض « طيبة.. ان الإنسان العظيم، عظيم في كل شيء، حتى في أحزانه وآلامه، وإنه مثال الشجاعة الانسانية، كونه لا يركض وراء سراب يلمع في صحراء المخيلة، فهو يعي انه، مثل سائر البشر، معرض للنجاح والفشل والسعادة والشقاء والغنى والفقر والصحة والمرض.ما اسعد المرء، حين يتصف بالصبر وعدم البوح بالأسرار ونكران الذات وتحمل المشقة.
إنها الحياة.. تعلمك الحب، فيما التجارب تعلمك من تحب، غير ان المواقف تعلمك من يحبك !
Z_alhilly@yahoo.com