فاتح عبد السلام
ايران كانت تتباهى وتفخر طوال سنوات بخط سياسي عسكري ايديولوجي يمتد من طهران الى جنوب لبنان مرورا بالعراق وسوريا سمّته “محور المقاومة”، بالرغم من انها كانت قد تحسست كثيراً والقت التهم» الطائفية» من اطلاق عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني على نفس ذلك الخط وصفاً اصطلاحياً عملياتياً جيوسياسياً دقيقاً هو اكتمال “الهلال الشيعي”.
في حرب جنوب لبنان والضاحية خرج رأس المحور المتقدم، وهو حزب الله من المعادلة المعيارية الثقيلة في الحرب مع إسرائيل او المنطقة ككل، بحسب تقارير استخبارية دقيقة في تشخيص الخسائر وتقليم المخالب، بما يزيد على ثمانين بالمائة من إمكانات ذلك الحزب.وهذا لا يلغي فرضية وجود صواريخ محدودة العدد في بعض الجبال، لكنها غير قابلة للتعويض في حال نفادها بسبب قطع طريق سوريا ، وانها أيضا غير قابلة للاستخدام لأنّ ذلك يعني إعادة الحرب مع إسرائيل بما سيشمل لبنان كلها، بحسب تهديدات إسرائيلية قبل أسابيع.
أمّا سوريا ” الجديدة” فهي منطقة كسر ظهر المحور، وليس هناك من جرح اكثر ايلاماً من خسارة ايران نفوذها في سوريا، اذ تؤكد جميع المعطيات فشلاً سياسياً واستخبارياً إيرانياً في توقع ما حدث لذلك كانت الضربة موجعة لإيران، وقد تقود بعد تصريحات المرشد الإيراني الأعلى الاخيرة عن مقاومة الشباب السوري للحكم الجديد الى صفحة مختلفة غير محمودة العواقب وغير منضبطة.
ايران حتى اللحظة تقول انّ المحور قائم وله أدواره المختلفة، في حين انّ خارطة الواقع تقول انّ العين الإيرانية لا تبصر مساحة متاحة سوى العراق الذي لم يعلن ذات يوم رسميا ارتباطه بالمحور الإيراني لكنه كان ساحة لنفوذ المحور وطروحاته وتعبئته.
المحور الإيراني كان صورة لشرق أوسط خاصة به على مدى عقود، واليوم يولد ”شرق أوسط جديد” يبحث عن مصالحه الوطنية غير عابئ بشعارات إيرانية مهيمنة، ومتناغما مع تشكيلة جديدة، سينضوي لبنان نفسه اليها وربما الأردن فضلا عن سوريا م، مع العمقين التركي و الخليجي، في مسعى استراتيجي لإعادة بناء اوطان مُهدمة،وليست بيوتا أو مصانع او مصالح، فقد جعلت مرحلة المحور الإيراني من اقتصاد سوريا ووضعها البشري تحت خط التدمير الشامل.
الباقي في المعادلة هو العراق الذي تربطه الحدود الطويلة مع ايران والتداخلات المعروفة، ولن يحميه من الابتلاع تحت الشعارات المقدسة والضغوط سوى التمسك بمصالحه الوطنية التي يجب ان تكون متصدرة مسارات رجال الحكم في العراق، اذا أرادوا التخلص من كوابيس ما جرى في سوريا .